بِيَدَيَّ هَاتَيْنِ لِحُرْمِهِ حِينَ أَحْرَمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ» أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ سَمِعْت أَبِي يَقُولُ سَمِعْت «عَائِشَةَ تَقُولُ طَيَّبْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحَرَمِهِ وَلِحِلِّهِ فَقُلْت لَهَا بِأَيِّ الطِّيبِ؟ فَقَالَتْ بِأَطْيَبِ الطِّيبِ».
وَقَالَ عُثْمَانُ مَا رَوَى هِشَامٌ هَذَا الْحَدِيثَ إلَّا عَنِّي أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ «عَائِشَةَ قَالَتْ رَأَيْت وَبِيصَ الطِّيبِ فِي مُفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ ثَلَاثٍ» أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّهُ سَمِعَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَعُرْوَةَ يُخْبِرَانِ عَنْ «عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ طَيَّبْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدَيْ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ لِلْحِلِّ وَالْإِحْرَامِ» أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ تَقُولُ طَيَّبْت أَبِي عِنْدَ إحْرَامِهِ بِالسُّكِّ وَالذَّرِيرَةِ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ حَسَنِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ رَأَيْت ابْنَ عَبَّاسٍ مُحْرِمًا وَأَنَّ عَلَى رَأْسِهِ لَمِثْلَ الرُّبِّ مِنْ الْغَالِيَةِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَبِهَذَا كُلِّهِ نَأْخُذُ فَنَقُولُ: لَا بَأْسَ أَنْ يَتَطَيَّبَ الرَّجُلُ قَبْلَ إحْرَامِهِ بِأَطْيَبِ مَا يَجِدُ مِنْ الطِّيبِ غَالِيَةٍ وَمُجْمَرٍ وَغَيْرِهِمَا إلَّا مَا نُهِيَ عَنْهُ الرَّجُلُ مِنْ التَّزَعْفُرِ وَلَا بَأْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي التَّطَيُّبِ بِمَا شَاءَتْ مِنْ الطِّيبِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَكَذَلِكَ لَا بَأْسَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَفْعَلَا بَعْدَ مَا يَرْمِيَانِ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، وَيَحْلِقُ الرَّجُلُ وَتُقَصِّرُ الْمَرْأَةُ قَبْلَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَالْحُجَّةُ فِيهِ مَا وَصَفْنَا مِنْ تَطَيُّبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَالَيْنِ، وَكَذَلِكَ لَا بَأْسَ بِالْمُجْمَرِ وَغَيْرِهِ مِنْ الطِّيبِ لِأَنَّهُ أَحْرَمَ وَابْتَدَأَ الطِّيبَ حَلَالًا وَهُوَ مُبَاحٌ لَهُ، وَبَقَاؤُهُ عَلَيْهِ لَيْسَ بِابْتِدَاءٍ مِنْهُ لَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الطِّيبُ دُهْنًا أَوْ غَيْرَهُ وَلَكِنَّهُ إذَا أَحْرَمَ فَمَسَّ مِنْ الطِّيبِ شَيْئًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ بِيَدِهِ أَوْ أَمَسَّهُ جَسَدَهُ وَهُوَ ذَاكِرٌ لِحُرْمَتِهِ غَيْرَ جَاهِلٍ بِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ، افْتَدَى.
وَكُلُّ مَا سَمَّى النَّاسُ طِيبًا فِي هَذِهِ الْحَالِ مِنْ الْأَفَاوِيهِ وَغَيْرِهَا وَكُلُّ مَا كَانَ مَأْكُولًا إنَّمَا يُتَّخَذُ لِيُؤْكَلَ أَوْ يُشْرَبَ لِدَوَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ طَيِّبَ الرِّيحِ وَيَصْلُحُ فِي الطِّيبِ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ، وَشَمِّهِ وَذَلِكَ مِثْلُ الْمُصْطَكَى وَالزَّنْجَبِيلِ وَالدَّارَصِينِيِّ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَعْلُوفٍ أَوْ حَطَبٍ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ مِثْلَ الشِّيحِ وَالْقَيْصُومِ وَالْإِذْخِرِ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا، فَإِنْ شَمَّهُ أَوْ أَكَلَهُ أَوْ دَقَّهُ فَلَطَّخَ بِهِ جَسَدَهُ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ وَلَا دُهْنٍ، وَالرَّيْحَانُ عِنْدِي طِيبٌ، وَمَا طَيَّبَ مِنْ الْأَدْهَانِ بِالرَّيَاحِينِ فَبَقِيَ طِيبًا كَانَ طِيبًا وَمَا رُبِّبَ بِهَا عِنْدِي طِيبٌ إذَا بَقِيَ طِيبًا مِثْلَ الزَّنْبَقِ وَالْخَيْرِيِّ وَالْكَاذِي وَالْبَانِ الْمَنْشُوشِ وَلَيْسَ الْبَنَفْسَجُ بِطِيبٍ إنَّمَا يُرَبَّبُ لِلْمَنْفَعَةِ لَا لِلطِّيبِ، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ سُئِلَ: أَيَشُمُّ الْمُحْرِمُ الرَّيْحَانَ وَالدُّهْنَ وَالطِّيبَ؟ فَقَالَ: لَا، أُخْبِرْنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ مَا أَرَى الْوَرْدَ وَالْيَاسَمِينَ إلَّا طِيبًا
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَا مَسَّ الْمُحْرِمُ مِنْ رَطْبِ الطِّيبِ بِشَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ افْتَدَى وَإِنْ مَسَّ بِيَدِهِ مِنْهُ شَيْئًا يَابِسًا لَا يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ فِي يَدِهِ وَلَا لَهُ رِيحٌ كَرِهْته لَهُ وَلَمْ أَرَ عَلَيْهِ الْفِدْيَةَ وَإِنَّمَا يَفْدِي مِنْ الشَّمِّ خَاصَّةً بِمَا أَثَّرَ مِنْ الطِّيبِ مِنْ الشَّمِّ، لِأَنَّ غَايَةَ الطِّيبِ لِلتَّطَيُّبِ وَإِنْ جَلَسَ إلَى عَطَّارٍ فَأَطَالَ، أَوْ مَرَّ بِهِ فَوَجَدَ رِيحَ الطِّيبِ أَوْ وَجَدَ رِيحَ الْكَعْبَةِ مُطَيَّبَةً أَوْ مُجْمَرَةً لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ وَإِنْ مَسَّ خَلُوقَ الْكَعْبَةِ جَافًّا كَانَ كَمَا وَصَفْت لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ وَلَا يَبْقَى رِيحُهُ فِي بَدَنِهِ وَكَذَلِكَ الرُّكْنُ وَإِنْ مَسَّ الْخَلُوقَ رَطْبًا افْتَدَى وَإِنْ انْتَضَحَ عَلَيْهِ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute