أَوْ رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاقْتَصَرْنَا عَلَى مَا أَذِنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ ثُمَّ رَسُولُهُ وَمَنَعْنَا الْبَيْعَ عَلَى أَصْلِ النُّسُكِ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الْبَيْعِ فَإِنْ قَالَ: أَفَتَجِدُ مَا يُشْبِهُ هَذَا؟ قِيلَ نَعَمْ الْجَيْشُ يَدْخُلُونَ بِلَادَ الْعَدُوِّ فَيَكُونُ الْغُلُولُ مُحَرَّمًا عَلَيْهِمْ وَيَكُونُ مَا أَصَابُوا مِنْ الْعَدُوِّ بَيْنَهُمْ وَأَذِنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَصَابُوا فِي الْمَأْكُولِ لِمَنْ أَكَلَهُ فَأَخْرَجْنَاهُ مِنْ الْغُلُولِ إذَا كَانَ مَأْكُولًا وَزَعَمْنَا أَنَّهُ إذَا كَانَ مَبِيعًا إنَّهُ غُلُولٌ وَإِنَّ عَلَى بَائِعِهِ رَدَّ ثَمَنِهِ وَلَمْ أَعْلَمْ بَيْنَ النَّاسِ فِي هَذَا اخْتِلَافًا أَنَّ مَنْ بَاعَ مِنْ ضَحِيَّتِهِ جِلْدًا أَوْ غَيْرَهُ أَعَادَ ثَمَنَهُ أَوْ قِيمَةَ مَا بَاعَ مِنْهُ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ فِيمَا يَجُوزُ أَنْ تُجْعَلَ فِيهِ الضَّحِيَّةُ وَالصَّدَقَةُ بِهِ أَحَبُّ إلَيَّ كَمَا الصَّدَقَةُ بِلَحْمِ الضَّحِيَّةِ أَحَبُّ إلَيَّ وَلَبَنُ الضَّحِيَّةِ كَلَبَنِ الْبَدَنَةِ إذَا أُوجِبَتْ الضَّحِيَّةُ لَا يَشْرَبُ مِنْهُ صَاحِبُهُ إلَّا الْفَضْلَ عَنْ وَلَدِهَا وَمَا لَا يُنْهِكُ لَحْمَهَا وَلَوْ تَصَدَّقَ بِهِ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ، فَإِذَا لَمْ يُوجِبْ صَنَعَ مَا شَاءَ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا تُجْزِي الْعَوْرَاءُ وَأَقَلُّ الْبَيَاضِ فِي السَّوَادِ عَلَى النَّاظِرِ كَانَ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ يَقَعُ بِهِ اسْمُ الْعَوَرِ الْبَيِّنِ وَلَا تُجْزِئُ الْعَرْجَاءُ وَأَقَلُّ الْعَرَجِ بَيِّنٌ أَنَّهُ عَرَجٌ إذَا كَانَ مِنْ نَفْسِ الْخِلْقَةِ أَوْ عَرَجٍ خَارِجٍ ثَابِتٍ فَذَلِكَ الْعَرَجُ الْبَيِّنُ.
(قَالَ): وَمَنْ اشْتَرَى ضَحِيَّةً فَأَوْجَبَهَا أَوْ أَهْدَى هَدْيًا مَا كَانَ فَأَوْجَبَهُ وَهُوَ تَامٌّ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ نَقْصٌ وَبَلَغَ الْمَنْسَكَ أَجْزَأَ عَنْهُ إنَّمَا أَنْظُرُ فِي هَذَا كُلِّهِ إلَى يَوْمِ يُوجِبُهُ فَيَخْرُجُ مِنْ مَالِهِ إلَى مَا جَعَلَهُ لَهُ فَإِذَا كَانَ تَامًّا وَبَلَغَ مَا جَعَلَهُ لَهُ أَجْزَأَ عَنْهُ بِتَمَامِهِ عِنْدَ الْإِيجَابِ وَبُلُوغِهِ أَمَدَهُ وَمَا اشْتَرَى مِنْ هَذَا فَلَمْ يُوجِبْهُ إلَّا بَعْدَ مَا نَقَصَ فَكَانَ لَا يُجْزِئُ ثُمَّ أَوْجَبَهُ ذَبَحَهُ وَلَمْ يُجْزِ عَنْهُ لِأَنَّهُ أَوْجَبَهُ وَهُوَ غَيْرُ مُجْزِئٍ، فَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ لَازِمًا لَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِتَامٍّ وَمَا كَانَ تَطَوُّعًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ الضَّحِيَّةَ فَأَوْجَبَهَا أَوْ لَمْ يُوجِبْهَا فَمَاتَتْ أَوْ ضَلَّتْ أَوْ سُرِقَتْ فَلَا بَدَلَ عَلَيْهِ وَلَيْسَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ هَدْيِ تَطَوُّعٍ يُوجِبُهُ صَاحِبُهُ فَيَمُوتُ فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ بَدَلٌ إنَّمَا تَكُونُ الْأَبْدَالُ فِي الْوَاجِبِ وَلَكِنَّهُ إنْ وَجَدَهَا بَعْدَمَا أَوْجَبَهَا ذَبَحَهَا وَإِنْ مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ كُلُّهَا كَمَا يَصْنَعُ فِي الْبُدْنِ مِنْ الْهَدْيِ تَضِلُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَوْجَبَهَا فَوَجَدَهَا، لَمْ يَكُنْ عِلَّةُ ذَبْحِهَا وَلَوْ ذَبَحَهَا كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ الضَّحِيَّةَ فَلَمْ يُوجِبْهَا حَتَّى أَصَابَهَا مَا لَا تَجُوزُ مَعَهُ بِحَضْرَةِ الذَّبْحِ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَهَا أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ ضَحِيَّةٌ وَلَوْ أَوْجَبَهَا سَالِمَةً ثُمَّ أَصَابَهَا ذَلِكَ وَبَلَغَتْ أَيَّامَ الْأَضْحَى ضَحَّى بِهَا وَأَجْزَأَتْ عَنْهُ إنَّمَا أَنْظُرُ إلَى الضَّحِيَّةِ فِي الْحَالِ الَّتِي أَوْجَبَهَا فِيهَا وَلَيْسَ فِيمَا أَصَابَهَا بَعْدَ ذَبْحِهَا شَيْءٌ يُسْأَلُ عَنْهُ أَحَدٌ إنَّمَا هِيَ حِينَئِذٍ ذَكِيَّةٌ مَذْبُوحَةٌ لَا عَيْنَ لَهَا قَائِمَةً إلَّا وَقَدْ فَارَقَهَا الرُّوحُ لَا يَضُرُّهَا مَا كَسَرَهَا وَلَا مَا أَصَابَهَا وَإِلَى الْكَسْرِ تَصِيرُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا زَعَمْنَا أَنَّ الْعَرْجَاءَ وَالْعَوْرَاءَ لَا تَجُوزُ فِي الضَّحِيَّةِ كَانَتْ إذَا كَانَتْ عَوْرَاءَ أَوْ لَا يَدَ لَهَا وَلَا رِجْلَ دَاخِلَةً فِي هَذَا الْمَعْنَى وَفِي أَكْثَرَ مِنْهُ وَلَيْسَ فِي الْقَرْنِ نَقْصٌ وَإِذَا خُلِقَتْ لَهَا أُذُنٌ مَا كَانَتْ أَجْزَأَتْ وَإِنْ خُلِقَتْ لَا أُذُنَ لَهَا لَمْ تُجْزِ، وَكَذَلِكَ لَوْ جُدِعَتْ لَمْ تُجْزِ لِأَنَّ هَذَا نَقْصٌ مِنْ الْمَأْكُولِ مِنْهَا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِذَا أَوْجَبَ الرَّجُلُ ضَحِيَّةً أَوْ هَدْيًا فَذُبِحَا عَنْهُ فِي وَقْتِهِمَا بِغَيْرِ إذْنِهِ فَأَدْرَكَهُمَا قَبْلَ أَنْ يُسْتَهْلَكَ لَحْمُهَا أَجْزَأَتَا مَعًا عَنْهُ لِأَنَّهُمَا ذَكَاتَانِ وَمَذْبُوحَتَانِ فِي وَقْتٍ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الَّذِي تَعَدَّى بِمَا بَيْنَ قِيمَتِهِمَا قَائِمَتَيْنِ وَمَذْبُوحَتَيْنِ ثُمَّ يَجْعَلُهُ فِي سَبِيلِ الْهَدْيِ وَفِي سَبِيلِ الضَّحِيَّةِ، لَا يُجْزِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ وَإِنْ ذَبَحَ لَهُ شَاةً وَقَدْ اشْتَرَاهَا وَلَمْ يُوجِبْهَا فِي وَقْتِهَا وَأَدْرَكَهَا فَشَاءَ أَنْ تَكُونَ ضَحِيَّةً لَمْ تُجْزِ عَنْهُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا بَيْنَ قِيمَتِهَا قَائِمَةً وَمَذْبُوحَةً وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَحْبِسَ لَحْمَهَا حَبَسَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَوْجَبَهَا فَإِنْ فَاتَ لَحْمُهَا فِي هَذَا كُلِّهِ يَرْجِعُ عَلَى الذَّابِحِ بِقِيمَتِهَا حَيَّةً وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَبْتَاعَ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ قِيمَةِ الْوَاجِبِ مِنْهَا ضَحِيَّةً أَوْ هَدْيًا وَإِنْ نَقَصَ عَنْ ثَمَنِهَا زَادَهُ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى يُوفِيَ أَقَلَّ مَا يَلْزَمُهُ فَإِنْ زَادَ جَعَلَهُ كُلَّهُ فِي سَبِيلِ الضَّحِيَّةِ وَالْهَدْيِ حَتَّى لَا يَكُونَ حَبْسٌ مِمَّا أَخَذَ مِنْهَا شَيْئًا وَالْجَوَابُ فِي هَذَا كُلِّهِ كَالْجَوَابِ فِي حَاجَّيْنِ لَوْ نَحَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هَدْيَ صَاحِبِهِ وَمُضَحِّيَيْنِ لَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute