للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالثَّابِتُ عَنْ عُثْمَانَ خِلَافُهُ قَالَ فَاذْكُرْهُ قُلْت أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنْ يُونُسَ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ سَمِعْت عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَخْطُبُ وَهُوَ يَأْمُرُ بِقَتْلِ الْكِلَابِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَكَيْفَ يَأْمُرُ بِقَتْلِ مَا يَغْرَمُ مَنْ قَتَلَهُ قِيمَتَهُ؟ قَالَ فَأَخَذْنَاهُ قِيَاسًا عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَنْهَ صَاحِبَ الزَّرْعِ وَلَا الْمَاشِيَةِ عَنْ اتِّخَاذِهِ وَذَكَرَ لَهُ صَيْدَ الْكِلَابِ فَقَالَ فِيهِ وَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ فَلَمَّا رَخَّصَ فِي أَنْ يَكُونَ الْكَلْبُ مَمْلُوكًا كَالْحِمَارِ حَلَّ ثَمَنُهُ وَلَمَّا حَلَّ ثَمَنُهُ كَانَتْ قِيمَتُهُ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ (قَالَ): فَقُلْتُ لَهُ فَإِذَا أَبَاحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اتِّخَاذَهُ لِصَاحِبِ الزَّرْعِ وَالْمَاشِيَةِ وَلَمْ يَنْهَ عَنْ صَاحِبِ الصَّيْدِ وَحَرَّمَ ثَمَنَهُ فَأَيُّهُمَا أَوْلَى بِنَا وَبِك وَبِكُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَتَّبِعَهُ فِي الْقَوْلَيْنِ فَتُحَرِّمُ مَا حَرُمَ ثَمَنُهُ وَتَقْتُلُ الْكِلَابَ عَلَى مَنْ لَمْ يُبَحْ لَهُ اتِّخَاذُهَا كَمَا أَمَرَ بِقَتْلِهَا وَتُبِيحُ اتِّخَاذَهَا لِمَنْ أَبَاحَهُ لَهُ وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ أَوْ تَزْعُمُ أَنَّ الْأَحَادِيثَ فِيهَا تَضَادٌّ؟ قَالَ فَمَا تَقُولُ أَنْتَ؟ قُلْت أَقُولُ الْحَقَّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى إثْبَاتُ الْأَحَادِيثِ عَلَى مَا جَاءَتْ كَمَا جَاءَتْ إذَا احْتَلَمَتْ أَنْ تَثْبُتَ كُلُّهَا وَلَوْ جَازَ مَا قُلْت مِنْ طَرْحِ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ جَازَ عَلَيْك مَا أَجَزْت لِنَفْسِك قَالَ فَيَقُولُ قَائِلٌ لَا نَعْرِفُ الْأَحَادِيثَ قُلْت إذَا كَانَ يَأْثَمُ بِهَا مَنْ اتَّخَذَهَا لَا أُحِلُّ لِأَحَدٍ اتِّخَاذَهَا وَأَقْتُلُهَا حَيْثُ وَجَدْتُهَا ثُمَّ لَا يَكُونُ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْهُ قَالَ أَفَيَجُوزُ عِنْدَك أَنْ يَتَّخِذَهَا مُتَّخِذٌ وَلَا ثَمَنَ لَهَا؟ قُلْتُ بَلْ لَا يَجُوزُ فِيهَا غَيْرُهُ لَوْ كَانَ أَصْلُ اتِّخَاذِهَا حَلَالًا حَلَّتْ لِكُلِّ أَحَدٍ كَمَا يَحِلُّ لِكُلِّ أَحَدٍ اتِّخَاذُ الْحُمُرِ وَالْبِغَالِ، وَلَكِنَّ أَصْلَ اتِّخَاذِهَا مُحَرَّمٌ إلَّا بِمَوْضِعٍ كَالضَّرُورَةِ لِإِصْلَاحِ الْمَعَاشِ لِأَنِّي لَمْ أَجِدْ الْحَلَالَ يُحْظَرُ عَلَى أَحَدٍ وَأَجِدُ مِنْ الْمُحَرَّمِ مَا يُبَاحُ لِبَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ (قَالَ): وَمِثْلُ مَاذَا؟ قُلْت الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ مُبَاحَانِ لِذِي الضَّرُورَةِ فَإِذَا فَارَقَ الضَّرُورَةَ عَادَ أَنْ يَكُونَا مُحَرَّمَيْنِ عَلَيْهِ بِأَصْلِ تَحْرِيمِهِمَا وَالطَّهَارَةُ بِالتُّرَابِ مُبَاحَةٌ فِي السَّفَرِ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً فَإِذَا وَجَدَهُ حُرِّمَ عَلَيْهِ الطَّهَارَةُ بِالتُّرَابِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الطَّهَارَةِ إنَّمَا هِيَ بِالْمَاءِ وَمُحَرَّمَةٌ بِمَا خَالَفَهُ إلَّا فِي الضَّرُورَةِ بِالْإِعْوَازِ وَالسَّفَرِ أَوْ الْمَرَضِ وَلِذَلِكَ إذَا فَارَقَ رَجُلٌ اقْتِنَاءَ الْكَلْبِ لِلصَّيْدِ أَوْ الزَّرْعِ أَوْ الْمَاشِيَةِ حَرُمَ عَلَيْهِ اتِّخَاذُهَا قَالَ فَلِمَ لَا يَحِلُّ ثَمَنُهَا فِي الْحِينِ الَّذِي يَحِلُّ اتِّخَاذُهَا؟ قُلْتُ لِمَا وَصَفْتُ لَك مِنْ أَنَّهَا مَرْجُوعَةٌ عَلَى الْأَصْلِ فَلَا ثَمَنَ لِمُحَرَّمٍ فِي الْأَصْلِ، وَإِنْ تَنْقَلِبْ حَالَاتُهُ بِضَرُورَةٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ فَإِنَّ إحْلَالَهُ خَاصٌّ لِمَنْ أُبِيحَ لَهُ قَالَ فَأَوْجِدْنِي مِثْلَ مَا وَصَفْتُ قُلْتُ أَرَأَيْتَ دَابَّةَ الرَّجُلِ مَاتَتْ فَاضْطُرَّ إلَيْهَا بَشَرٌ أَيَحِلُّ لَهُمْ أَكْلُهَا؟ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ أَفَيَحِلُّ لَهُ بَيْعُهَا مِنْهُمْ أَوْ لِبَعْضِهِمْ إنْ سَبَقَ بَعْضُهُمْ إلَيْهَا؟ قَالَ إنْ قُلْتُ لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ قُلْتُ فَقَدْ حَرَّمْتَ عَلَى مَالِكِ الدَّابَّةِ بَيْعَهَا، وَإِنْ قُلْتَ نَعَمْ قُلْتُ فَقَدْ أَحْلَلْتَ بَيْعَ الْمُحَرَّمِ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ: فَأَقُولُ لَا يَحِلُّ بَيْعُهَا قُلْتُ وَلَوْ أَحْرَقَهَا رَجُلٌ فِي الْحِينِ الَّذِي أُبِيحَ لِهَؤُلَاءِ أَكْلُهَا فِيهِ لَمْ يَغْرَمْ ثَمَنَهَا قَالَ لَا، قُلْتُ فَلَوْ لَمْ يَدُلَّك عَلَى النَّهْيِ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ إلَّا مَا وَصَفْتُ لَك انْبَغَى أَنْ يَدُلَّك قَالَ أَفَتُوجِدَنِّي غَيْرَ هَذَا أَقُولُهُ؟ قُلْتُ نَعَمْ زَعَمْتُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَك خَمْرٌ حُرِّمَ عَلَيْك اتِّخَاذُهَا وَحَلَّ لَك أَنْ تُفْسِدَهَا بِمِلْحٍ وَمَاءٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُصَيِّرُهَا خَلًّا وَزَعَمْتَ أَنَّ رَجُلًا لَوْ أَهْرَاقَهَا وَقَدْ أَفْسَدَهَا قَبْلَ أَنْ تَصِيرَ خَلًّا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي ثَمَنِهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَحِلَّ بَعْدُ عَنْ الْمَحْرَمِ فَتَصِيرُ عَيْنًا غَيْرَهُ وَزَعَمْتَ أَنَّ مَاشِيَتَك لَوْ مُوِّتَتْ حَلَّ لَك سَلْخُهَا وَحَبْسُ جِلْدِهَا، وَإِذَا دَبَغْتهَا حَلَّ ثَمَنُهَا وَلَوْ حَرَقَهَا رَجُلٌ قَبْلَ أَنْ تَدْبُغَهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِيهَا قِيمَةٌ؟ قَالَ إنِّي لَا أَقُولُ هَذَا وَلَكِنِّي أَقُولُ إذَا صَارَتْ خَلًّا وَصَارَتْ مَدْبُوغَةً كَانَ لَهَا ثَمَنٌ وَعَلَى مَنْ حَرَقَهَا قِيمَتُهُ قُلْتُ؛ لِأَنَّهَا تَصِيرُ عِنْدَك عَيْنًا حَلَالًا لِكُلِّ أَحَدٍ؟ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ أَفَتَصِيرُ الْكِلَابُ حَلَالًا لِكُلِّ أَحَدٍ؟ قَالَ لَا، إلَّا بِالضَّرُورَةِ أَوْ طَلَبِ الْمَنْفَعَةِ، وَالْكِلَابُ بِالْمَيْتَةِ أَشْبَهُ وَالْمَيْتَةُ لَنَا فِيهَا أَلْزَمُ قُلْتُ وَهَذَا يَلْزَمُك فِي الْحِينِ الَّذِي يَحِلُّ لَك فِيهِ حَبْسُ الْخَمْرِ وَالْجُلُودِ، فَأَنْتَ لَا تَجْعَلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>