للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَخْبَرْنَا) ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلُ مَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ وَقَالَ: " حَتَّى يَأْتِيَ خَازِنِي مِنْ الْغَابَةِ " فَحَفِظْته لَا شَكَّ فِيهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ، إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تَبِيعُوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تَبِيعُوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ».

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَحَدِيثُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يَدُلَّانِ عَلَى مَعَانٍ، مِنْهَا تَحْرِيمُ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، يَدًا بِيَدٍ، وَلَا يُبَاعُ مِنْهَا غَائِبٌ بِنَاجِزٍ وَحَدِيثُ عُمَرَ يَزِيدُ عَلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ الَّذِي حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَا سُمِّيَ مِنْ الْمَأْكُولِ الْمَكِيلِ كَاَلَّذِي حَرُمَ فِي الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، سَوَاءٌ لَا يَخْتَلِفَانِ وَقَدْ ذَكَرَ عُبَادَةُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَ مَعْنَاهُمَا، وَأَكْثَرَ وَأَوْضَحَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنَّمَا حَرَّمْنَا غَيْرَ مَا سَمَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْمَأْكُولِ وَالْمَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى مَا سَمَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُ وَكَذَلِكَ حَرَّمْنَا الْمَأْكُولَ وَالْمَوْزُونَ؛ لِأَنَّ الْكَيْلَ فِي مَعْنَى الْوَزْنِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مَعْلُومٌ عِنْدَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، بِمِثْلِ مَا عُلِمَ بِالْكَيْلِ أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ الْوَزْنَ أَقْرَبُ مِنْ الْإِحَاطَةِ مِنْ الْكَيْلِ فَلَا يُوجَدُ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ مَعْنًى أَقْرَبُ مِنْ الْإِحَاطَةِ مِنْهُمَا، فَاجْتَمَعَا عَلَى أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِمَا أَنْ يَكُونَا مَعْلُومَيْنِ، وَأَنَّهُمَا مَأْكُولَانِ، فَكَانَ الْوَزْنُ قِيَاسًا عَلَى الْكَيْلِ فِي مَعْنَاهُ، وَمَا أُكِلَ مِنْ الْكَيْلِ وَلَمْ يُسَمَّ، قِيَاسًا عَلَى مَعْنَى مَا سُمِّيَ مِنْ الطَّعَامِ، فِي مَعْنَاهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَاسَ الْوَزْنُ مِنْ الْمَأْكُولِ عَلَى الْوَزْنِ مِنْ الذَّهَبِ؛ لِأَنَّ الذَّهَبَ غَيْرُ مَأْكُولٍ، وَكَذَلِكَ الْوَرِقُ لَوْ قِسْنَاهُ عَلَيْهِ وَتَرَكْنَا الْمَكِيلَ الْمَأْكُولَ، قِسْنَا عَلَى أَبْعَدَ مِنْهُ مِمَّا تَرَكْنَا أَنْ نَقِيسَهُ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُقَاسَ عَلَى الْأَبْعَدِ وَيُتْرَكَ الْأَقْرَبُ وَلَزِمَنَا أَنْ لَا نُسَلِّمَ دِينَارًا فِي مَوْزُونٍ مِنْ طَعَامٍ أَبَدًا وَلَا غَيْرِهِ، كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ نُسَلِّمَ دِينَارًا فِي مَوْزُونٍ مِنْ فِضَّةٍ، وَلَا أَعْلَمُ الْمُسْلِمِينَ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ يُسَلَّمَانِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، إلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يُسَلَّمُ فِي الْآخَرِ، لَا ذَهَبَ فِي ذَهَبٍ، وَلَا وَرِقَ فِي وَرِقٍ، إلَّا فِي الْفُلُوسِ فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ كَرِهَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>