للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَرَّةً، فَمِثْلُ الزَّرْعِ.

(قَالَ): وَمَنْ بَاعَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ قَدْ خَرَجَ مِنْ الْأَرْضِ، فَالزَّرْعُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ فَإِذَا حُصِدَ فَلِصَاحِبِهِ أَخْذُهُ، فَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ مِمَّا يَبْقَى لَهُ أُصُولٌ فِي الْأَرْضِ تُفْسِدُهَا فَعَلَى صَاحِبِ الزَّرْعِ نَزْعُهَا عَنْ رَبِّ الْأَرْضِ إنْ شَاءَ رَبُّ الْأَرْضِ قَالَ وَهَكَذَا إذَا بَاعَهُ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ يُحْصَدُ مَرَّةً وَاحِدَةً.

(قَالَ): فَأَمَّا الْقَصَبُ فَإِذَا بَاعَهُ أَرْضًا فِيهَا قَصَبٌ قَدْ خَرَجَ مِنْ الْأَرْضِ فَلِمَالِكِهِ مِنْ الْقَصَبِ جِزَّةٌ وَاحِدَةٌ وَلَيْسَ لَهُ قَلْعُهُ مِنْ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّهُ أَصْلٌ (قَالَ): وَكُلُّ مَا يُجَزُّ مِرَارًا مِنْ الزَّرْعِ فَمِثْلُ الْقَصَبِ فِي الْأَصْلِ وَالثَّمَرِ مَا خَرَجَ لَا يُخَالِفُهُ.

(قَالَ): وَإِذَا بَاعَهُ أَرْضًا فِيهَا مَوْزٌ قَدْ خَرَجَ فَلَهُ مَا خَرَجَ مِنْ الْمَوْزِ قَبْلَ بَيْعِهِ وَلَيْسَ لَهُ مَا خَرَجَ مَرَّةً أُخْرَى مِنْ الشَّجَرِ الَّذِي بِجَنْبِ الْمَوْزِ وَذَلِكَ أَنَّ شَجَرَةَ الْمَوْزِ عِنْدَنَا تَحْمِلُ مَرَّةً وَيَنْبُتُ إلَى جَنْبِهَا أَرْبَعٌ فَتُقْطَعُ وَيَخْرَجُ فِي الَّذِي حَوْلَهَا (قَالَ): فَإِذَا كَانَ شَجَرُ الْمَوْزِ كَثِيرًا وَكَانَ يَخْرُجُ فِي الْمَوْزِ مِنْهُ الشَّيْءُ الْيَوْمَ وَفِي الْأُخْرَى غَدًا وَفِي الْأُخْرَى بَعْدَهُ حَتَّى لَا يَتَمَيَّزَ مَا كَانَ مِنْهُ خَارِجًا عِنْدَ عُقْدَةِ الْبَيْعِ مِمَّا خَرَجَ بَعْدَهُ بِسَاعَةٍ أَوْ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ فَالْقَوْلُ فِيهَا كَالْقَوْلِ فِي التِّينِ وَمَا تَتَابَعَ ثَمَرَتُهُ فِي الْأَصْلِ الْوَاحِدِ أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ بَيْعُهُ أَبَدًا وَذَلِكَ أَنَّ الْمَوْزَةَ الْحَوْلِيَّ يَتَفَرَّقُ وَيَكُونُ بَيْنَهُ أَوْلَادُهُ بَعْضُهَا أَشَفُّ مِنْ بَعْضٍ فَيُبَاعُ وَفِي الْحَوْلِيِّ مِثْلُهُ مَوْزٌ خَارِجٌ فَيُتْرَكُ لِيَبْلُغَ وَيَخْرُجَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَوْلَادِهِ بِقَدْرِ إدْرَاكِهِ مُتَتَابِعًا، فَلَا يَتَفَرَّقُ مِنْهُ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ عُقْدَةُ الْبَيْعِ مِمَّا حَدَثَ بَعْدَهَا وَلَمْ يَدْخُلْ فِي عُقْدَةِ الْبَيْعِ وَالْبَيْعُ مَا عُرِفَ الْمَبِيعُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ الْمَبِيعِ فَيُسَلَّمُ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ حَقُّهُ (قَالَ): وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ ثَمَرَةُ مِائَةِ شَجَرَةِ مَوْزٍ مِنْهُ مِنْ قِبَلِ أَنَّ ثِمَارَهَا تَخْتَلِفُ وَيُخْطِئُ وَيُصِيبُ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ مِنْ ذِي ثَمَرٍ وَزَرْعٍ.

(قَالَ): وَكُلُّ أَرْضٍ بِيعَتْ بِحُدُودِهَا فَلِمُشْتَرِيهَا جَمِيعُ مَا فِيهَا مِنْ الْأَصْلِ وَالْأَصْلُ مَا وَصَفْت مِمَّا لَهُ ثَمَرَةٌ بَعْدَ ثَمَرَةٍ مِنْ كُلِّ شَجَرٍ وَزُرُوعٍ مُثْمِرَةٍ وَكُلِّ مَا يَثْبُتُ مِنْ الشَّجَرِ وَالْبُنْيَانِ وَمَا كَانَ مِمَّا يَخِفُّ مِنْ الْبُنْيَانِ مِثْلُ الْبِنَاءِ بِالْخَشَبِ فَإِنَّمَا هَذَا مُمَيَّزٌ كَالنَّبَاتِ وَالْجَرِيدِ فَهُوَ لِبَائِعِهِ إلَّا أَنْ يُدْخِلَهُ الْمُشْتَرِي فِي صَفْقَةِ الْبَيْعِ فَيَكُونُ لَهُ بِالشِّرَاءِ (قَالَ): وَكُلُّ هَذَا إذَا عَرَفَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ مَا فِي شَجَرِ الْأَرْضِ مِنْ الثَّمَرِ وَفِي أَدِيمِ الْأَرْضِ مِنْ الزَّرْعِ (قَالَ): فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ غَائِبَةً عِنْدَ الْبَيْعِ عَنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي أَوْ عَنْ الْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ فَوَجَدَ فِي شَجَرِهَا ثَمَرًا قَدْ أُبِّرَ وَزَرْعًا قَدْ طَلَعَ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إذَا عَلِمَ هَذَا إنْ كَانَ قَدْ رَأَى الْأَرْضَ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَرَضِيهَا؛ لِأَنَّ هَذَا عَلَيْهِ نَقْصًا بِانْقِطَاعِ الثَّمَرَةِ عَنْهُ عَامَهُ ذَلِكَ وَحَبَسَ شَجَرَهُ بِالثَّمَرَةِ وَشَغَلَ أَرْضَهُ بِالزَّرْعِ وَبِالدَّاخِلِ فِيهَا عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ لَهُ ثَمَرَتُهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ الدُّخُولَ عَلَيْهِ فِي أَرْضِهِ لِتَعَاهُدِ ثَمَرَتِهِ وَلَا يَمْنَعُ مَنْ يُصْلِحُ لَهُ أَرْضَهُ مِنْ عَمَلٍ لَهُ، فَإِنْ أَحَبَّ أَجَازَ الْبَيْعَ، وَإِنْ أَحَبَّ رَدَّهُ.

(قَالَ): وَإِذَا اشْتَرَى وَهُوَ عَالِمٌ بِمَا خَرَجَ مِنْ ثَمَرِهَا فَلَا خِيَارَ لَهُ، وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ أَرْضًا فِيهَا حَبٌّ قَدْ بَذَرَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي فَالْحَبُّ كَالزَّرْعِ قَدْ خَرَجَ مِنْ الْأَرْضِ لَا يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ تَحْتَ الْأَرْضِ وَمَا لَمْ يَمْلِكْهُ الْمُشْتَرِي بِالصَّفْقَةِ فَهُوَ لِلْبَائِعِ وَهُوَ يَنْمِي نَمَاءَ الزَّرْعِ فَيُقَالُ لِلْمُشْتَرِي لَك الْخِيَارُ، فَإِنْ شِئْت فَأَخِّرْ الْبَيْعَ وَدَعْ الْحَبَّ حَتَّى يَبْلُغَ فَيُحْصَدَ كَمَا تَدَعُ الزَّرْعَ، وَإِنْ شِئْت فَانْقُضْ الْبَيْعَ إذَا كَانَ يَشْغَلُ أَرْضَك وَيَدْخُلُ عَلَيْك فَيَهَابُهُ مَنْ لَيْسَ عَلَيْك دُخُولُهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْبَائِعُ أَنْ يُسَلِّمَ الزَّرْعَ لِلْمُشْتَرِي أَوْ يَقْلَعَهُ عَنْهُ وَيَكُونُ قَلْعُهُ غَيْرَ مُضِرٍّ بِالْأَرْضِ، فَإِنْ شَاءَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي خِيَارٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ زِيدَ خَيْرًا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ كَيْفَ لَمْ تَجْعَلْ هَذَا كَمَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ ثَمَرِ الشَّجَرِ وَوِلَادِ الْجَارِيَةِ؟ قِيلَ لَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، أَمَّا ثَمَرُ الشَّجَرِ فَأَمْرٌ لَا صَنْعَةَ فِيهِ لِلْآدَمِيِّينَ هُوَ شَيْءٌ يَخْلُقُهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كَيْفَ شَاءَ، لَا شَيْءَ اسْتَوْدَعَهُ الْآدَمِيُّونَ الشَّجَرَ لَمْ يَكُنْ فِيهَا فَأَدْخَلُوهُ فِيهَا وَمَا خَرَجَ مِنْهُ فِي عَامِهِ خَرَجَ فِي أَعْوَامٍ بَعْدَهُ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّ خِلْقَةَ الشَّجَرِ كَذَلِكَ وَالْبَذْرُ يُنْثَرُ فِي الْأَرْضِ إنَّمَا هُوَ شَيْءٌ يَسْتَوْدِعُهُ الْآدَمِيُّونَ الْأَرْضَ وَيُحْصَدُ فَلَا يَعُودُ إلَّا أَنْ يُعَادَ فِيهَا غَيْرُهُ وَلَمَا رَأَيْت مَا كَانَ مَدْفُونًا فِي الْأَرْضِ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>