للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُلْت أَيَثْبُتُ قَالَ لَا وَلَيْسَ فِيمَا لَمْ يَثْبُتْ حُجَّةٌ قَالَ وَلَكِنَّا نُثْبِتُهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قُلْنَا، وَهُوَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ لَيْسَ كَمَا تُرِيدُ وَلَوْ كَانَ ثَابِتًا لَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ كَبَيْعِ الْأَعْيَانِ الْمُغَيَّبَةِ يَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ إذَا رَآهَا قَالَ وَكُلُّ ثَمَرَةٍ كَانَتْ يَنْبُتُ؟ مِنْهَا الشَّيْءُ فَلَا يُجْنَى حَتَّى يَنْبُتَ مِنْهَا شَيْءٌ آخَرُ قَبْلَ أَنْ يُؤْتَى عَلَى الْأَوَّلِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا أَبَدًا إذَا لَمْ يَتَمَيَّزْ مِنْ النَّبَاتِ الْأَوَّلِ الَّذِي وَقَعَتْ عَلَيْهِ صَفْقَةُ الْبَيْعِ بِأَنْ يُؤْخَذَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِطَ بِغَيْرِهِ مِمَّا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ صَفْقَةُ الْبَيْعِ وَكُلُّ ثَمَرَةٍ وَزَرْعٍ دُونَهَا حَائِلٌ مِنْ قِشْرٍ أَوْ كِمَامٍ، وَكَانَتْ إذَا صَارَتْ إلَى مَالِكِيهَا أَخْرَجُوهَا مِنْ قِشْرَتِهَا وَكِمَامِهَا بِلَا فَسَادٍ عَلَيْهَا إذَا أَخْرَجُوهَا فَاَلَّذِي اخْتَارَ فِيهَا أَنْ لَا يَجُوزَ بَيْعُهَا فِي شَجَرِهَا وَلَا مَوْضُوعِهِ لِلْحَائِلِ دُونَهَا.

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ وَمَا حُجَّةُ مَنْ أَبْطَلَ الْبَيْعَ فِيهِ؟ قِيلَ لَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الْحُجَّةُ فِيهِ أَنِّي لَا أَعْلَمُ أَحَدًا يُجِيزُ أَنْ يَشْتَرِيَ رَجُلٌ لَحْمَ شَاةٍ، وَإِنْ ذُبِحَتْ إذَا كَانَ عَلَيْهَا جِلْدُهَا مِنْ قَبْلِ مَا تَغِيبُ مِنْهُ وَتُغَيِّبُ الْكِمَامُ الْحَبَّ الْمُتَفَرِّقَ الَّذِي بَيْنَهُ حَائِلٌ مِنْ حَبِّ الْحِنْطَةِ وَالْفُولِ وَالدُّخْنِ وَكُلِّ مَا كَانَ فِي قَرْنٍ مِنْهُ حَبٌّ وَبَيْنَهُ شَيْءٌ حَائِلٌ مِنْ الْحَبِّ أَكْثَرَ مِنْ تَغْيِيبِ الْجِلْدِ لِلَّحْمِ وَذَلِكَ أَنَّ تَغَيُّبَ الْجِلْدِ لِلَّحْمِ إنَّمَا يَجِيءُ عَنْ بَعْضِ عَجَفِهِ وَقَدْ يَكُونُ لِلشَّاةِ مِجَسَّةٌ تَدُلُّ عَلَى سَمَانَتِهَا وَعَجَفِهَا وَلَكِنَّهَا مِجَسَّةٌ لَا عِيَانَ وَلَا مِجَسَّةَ لِلْحَبِّ فِي أَكْمَامِهِ تَدُلُّ عَلَى امْتِلَائِهِ وَضَمْرِهِ وَذَلِكَ فِيهِ كَالسَّمَانَةِ وَالْعَجَفِ وَلَا عَلَى عَيْنِهِ بِالسَّوَادِ وَالصُّفْرَةِ فِي أَكْمَامِهِ وَهَذَا قَدْ يَكُونُ فِي الْحَبِّ وَلَا يَكُونُ هَذَا فِي لَحْمِ الشَّاةِ؛ لِأَنَّ الْحَيَاةَ الَّتِي فِيهَا حَائِلَةٌ دُونَ تَغَيُّرِ اللَّحْمِ بِمَا يُحِيلُهُ كَمَا تُحَوَّلُ الْحَبَّةُ عَنْ الْبَيَاضِ إلَى السَّوَادِ بِآفَةٍ فِي كِمَامِهَا، وَقَدْ يَكُونُ الْكِمَامُ يَحْمِلُ الْكَثِيرَ مِنْ الْحَبِّ وَالْقَلِيلَ وَيَكُونُ فِي الْبَيْتِ مِنْ بُيُوتِ الْقَرْنِ الْحَبَّةُ وَلَا حَبَّةَ فِي الْآخَرِ الَّذِي يَلِيهِ وَهُمَا يَرَيَانِ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَمُخْتَلِفُ حَبِّهِ بِالضَّمْرَةِ وَالِامْتِلَاءِ وَالتَّغَيُّرِ فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ قَدْ تَبَايَعَا بِمَا لَا يَعْرِفَانِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَمْ أَجِدْ مِنْ أَمْرِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَأْخُذُوا عُشْرَ الْحِنْطَةِ فِي أَكْمَامِهَا وَلَا عُشْرَ الْحُبُوبِ ذَوَاتِ الْأَكْمَامِ فِي أَكْمَامِهَا وَلَمْ أَجِدْهُمْ يُجِيزُونَ أَنْ يَتَبَايَعُوا الْحِنْطَةَ بِالْحِنْطَةِ فِي سُنْبُلِهَا كَيْلًا وَلَا وَزْنًا لِاخْتِلَافِ الْأَكْمَامِ وَالْحَبِّ فِيهَا فَإِذَا امْتَنَعُوا مِنْ أَخْذِ عُشْرِهَا فِي أَكْمَامِهَا وَإِنَّمَا الْعُشْرُ مُقَاسَمَةٌ عَمَّنْ جَعَلَ لَهُ الْعُشْرَ وَحَقَّ صَاحِبِ الزَّرْعِ بِهَذَا الْمَعْنَى وَامْتَنَعُوا مِنْ قِسْمَتِهَا بَيْنَ أَهْلِهَا فِي سُنْبُلِهَا أَشْبَهَ أَنْ يَمْتَنِعُوا بِهِ فِي الْبَيْعِ وَلَمْ أَجِدْهُمْ يُجِيزُونَ بَيْعَ الْمِسْكِ فِي أَوْعِيَتِهِ وَلَا بَيْعَ الْحَبِّ فِي الْجُرُبِ وَالْغَرَائِرِ وَلَا جَعَلُوا لِصَاحِبِهِ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ وَلَمْ يُرَ الْحَبُّ وَلَوْ أَجَازُوهُ جُزَافًا فَالْغَرَائِرُ لَا تَحُولُ دُونَهُ كَمِثْلِ مَا يَحُولُ دُونَهُ أَكْمَامُهُ وَيَجْعَلُونَ لِمَنْ اشْتَرَاهُ الْخِيَارَ إذَا رَآهُ وَمَنْ أَجَازَ بَيْعَ الْحَبِّ فِي أَكْمَامِهِ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ الْخِيَارَ إلَّا مِنْ عَيْبٍ وَلَمْ أَرَهُمْ أَجَازُوا بَيْعَ الْحِنْطَةِ فِي التِّبْنِ مَحْصُودَةً وَمَنْ أَجَازَ بَيْعَهَا قَائِمَةً انْبَغَى أَنْ يُجِيزَ بَيْعَهَا فِي التِّبْنِ مَحْصُودَةً وَمَدْرُوسَةً وَغَيْرَ مُنَقَّاةٍ، وَانْبَغَى أَنْ يُجِيزَ بَيْعَ حِنْطَةٍ وَتِبْنٍ فِي غِرَارَةٍ فَإِنْ قَالَ لَا تَتَمَيَّزُ الْحِنْطَةُ فَتُعْرَفُ مِنْ التِّبْنِ فَكَذَلِكَ لَا تَتَمَيَّزُ قَائِمَةً فَتُعْرَفُ فِي سُنْبُلِهَا فَإِنْ قَالَ فَأُجِيزُ بَيْعَ الْحِنْطَةِ فِي سُنْبُلِهَا وَزَرْعِهَا؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْحِنْطَةَ وَتِبْنَهَا وَسُنْبُلَهَا لَزِمَهُ أَنْ يُجِزْ بَيْعَ حِنْطَةٍ فِي تِبْنِهَا وَحِنْطَةٍ فِي تُرَابٍ وَأَشْبَاهَ هَذَا. .

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَجَدْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ زَكَاةَ حِمْلِ النَّخْلِ بِخَرْصٍ لِظُهُورِهِ وَلَا حَائِلَ دُونَهُ

وَلَمْ أَحْفَظْ عَنْهُ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ شَيْئًا مِنْ الْحُبُوبِ تُؤْخَذُ زَكَاتُهُ بِخَرْصٍ وَلَوْ احْتَاجَ إلَيْهِ أَهْلُهُ رَطْبًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُدْرَكْ عِلْمُهُ كَمَا يُدْرَكُ عِلْمُ ثَمَرَةِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ مَعَ أَشْيَاءَ شَبِيهَةٍ بِهَذَا

(قَالَ): وَبَيْعُ التَّمْرِ فِيهِ النَّوَى جَائِزٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْمُشْتَرَى الْمَأْكُولَ مِنْ التَّمْرِ ظَاهِرٌ وَأَنَّ النَّوَاةَ تَنْفَعُ وَلَيْسَ مِنْ شَأْنِ أَحَدٍ أَنْ يُخْرِجَ النَّوَى مِنْ التَّمْرِ وَذَلِكَ أَنَّ التَّمْرَةَ إذَا جُنِيَتْ مَنْزُوعَةَ النَّوَى تَغَيَّرَتْ بِالسَّنَاخِ وَالضَّمْرِ فَفَتَحَتْ فَتْحًا يُنْقِصُ لَوْنَهَا وَأَسْرَعَ إلَيْهَا الْفَسَادُ وَلَا يُشْبِهُ الْجَوْزَ وَالرُّطَبَ مِنْ الْفَاكِهَةِ الْمُيَبَّسَةِ وَذَلِكَ أَنَّهَا إذَا رُفِعَتْ فِي قُشُورِهَا فَفِيهَا رُطُوبَتَانِ رُطُوبَةُ النَّبَاتِ الَّتِي تَكُونُ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَرُطُوبَةٌ لَا تُزَايِلُهَا مِنْ لِينِ الطِّبَاعِ لَا يُمْسِكُ تِلْكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>