للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَكْثَرَ مِنْهَا سَوَاءً وَلَكِنَّهُ أَرْخَصَ لَهُ فِيهِ بِمَا يَكُونُ مَأْكُولًا عَلَى التَّوَسُّعِ لَهُ وَلِعِيَالِهِ وَمَنْعُ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الْحَائِطِ الْمُرَخِّصُ لَهُ خَاصَّةً لَأَذَى الدَّاخِلَ عَلَيْهِ الَّذِي أَعْرَاهُ وَكَانَ إنَّمَا أَرْخَصَ لَهُ لِتَنْحِيَةِ الْأَذَى كَانَ أَذَى الدَّاخِلِ عَلَيْهِ فِي أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِثْلَ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ أَذَاهُ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَإِذَا حَظَرَ عَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَ إلَّا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ لَزِمَهُ الْأَذَى إذَا كَانَ قَدْ أَعْرَى أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ.

(قَالَ): فَمَعْنَى السُّنَّةِ وَاَلَّذِي أَحْفَظُ عَنْ أَكْثَرَ مَنْ لَقِيت مِمَّنْ أَجَازَ بَيْعَ الْعَرَايَا أَنَّهَا جَائِزَةٌ لِمَنْ ابْتَاعَهَا مِمَّنْ لَا يَحِلُّ لَهُ فِي مَوْضِعِهَا مِثْلُهَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِيهَا حَتَّى يَقْبِضَ النَّخْلَةَ بِثَمَرِهَا وَيَقْبِضَ صَاحِبُ النَّخْلَةِ التَّمْرَ بِكَيْلِهِ.

(قَالَ): وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَبِيعَهَا بِجُزَافٍ مِنْ التَّمْرِ.:

؛ لِأَنَّهُ جِنْسٌ لَا يَجُوزُ فِي بَعْضِهِ بِبَعْضِ الْجُزَافِ وَإِذَا بِيعَتْ الْعَرِيَّةُ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَأْكُولِ أَوْ الْمَشْرُوبِ غَيْرِ التَّمْرِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُبَاعَ جُزَافًا وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا حَتَّى يَتَقَابَضَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا، وَهُوَ حِينَئِذٍ مِثْلُ بَيْعِ التَّمْرِ بِالْحِنْطَةِ وَالْحِنْطَةِ بِالذُّرَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ صَاحِبُ الْعَرِيَّةِ مِنْ الْعَرَايَا إلَّا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ أَوْ دُونَهَا وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ دُونَهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي النَّفْسِ مِنْهُ شَيْءٌ.

(قَالَ): وَإِذَا ابْتَاعَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ لَمْ أَفْسَخْ الْبَيْعَ وَلَمْ أُقَسِّطْ لَهُ، وَإِنْ ابْتَاعَ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فُسِخَتْ الْعُقْدَةُ كُلُّهَا؛ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ عَلَى مَا يَجُوزُ وَمَا لَا يَجُوزُ.

(قَالَ): وَلَا بَأْسَ أَنْ يَبِيعَ صَاحِبُ الْحَائِطِ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ عَرَايَا كُلِّهِمْ يَبْتَاعُونَ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَمْ يَحْرُمْ عَلَى الِافْتِرَاقِ لِلتَّرْخِيصِ لَهُ أَنْ يَبْتَاعَ هَذِهِ الْمَكِيلَةَ وَإِذَا حَلَّ ذَلِكَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ أَنْ يَبِيعَ مَالَهُ وَكَانَ حَلَالًا لِمَنْ ابْتَاعَهُ وَلَوْ أَتَى ذَلِكَ عَلَى جَمِيعِ حَائِطِهِ.

(قَالَ): وَالْعَرَايَا مِنْ الْعِنَبِ كَهِيَ مِنْ التَّمْرِ لَا يَخْتَلِفَانِ؛ لِأَنَّهُمَا يُخْرَصَانِ مَعًا.

(قَالَ): وَكُلُّ ثَمَرَةٍ ظَاهِرَةٍ مِنْ أَصْلٍ ثَابِتٍ مِثْلِ الْفِرْسِكِ وَالْمِشْمِشِ وَالْكُمَّثْرَى وَالْإِجَّاصِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مُخَالِفَةً لِلتَّمْرِ وَالْعِنَبِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُخْرَصُ لِتَفَرُّقِ ثِمَارِهَا وَالْحَائِلِ مِنْ الْوَرَقِ دُونَهَا وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا تَجُوزَ بِمَا وَصَفْت وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ هِيَ، وَإِنْ لَمْ تُخْرَصْ فَقَدْ رَخَّصَ مِنْهَا فِيمَا حَرُمَ مِنْ غَيْرِهَا أَنْ يُبَاعَ بِالتَّحَرِّي فَأُجِيزُهُ كَانَ مَذْهَبًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَالَ): فَإِذَا بِيعَتْ الْعَرَايَا بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ مِنْ الْمَأْكُولِ أَوْ الْمَشْرُوبِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَتَقَابَضَا وَالْمَعْدُودُ مِنْ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ؛ لِأَنَّهُ مَأْكُولٌ وَمَوْزُونٌ يَحِلُّ وَزْنُهُ أَوْ كَيْلُهُ وَمَوْجُودٌ مَنْ يَزِنُهُ وَيَكِيلُهُ وَإِذَا بِيعَتْ بِعَرَضٍ مِنْ الْعُرُوضِ مَوْصُوفٍ بِمِثْلِ ثَوْبٍ مِنْ جِنْسٍ يُذْرَعُ.:

وَخَشَبَةٍ مِنْ جِنْسٍ يُذْرَعُ وَحَدِيدٍ مَوْصُوفٍ يُوزَنُ وَصُفْرٍ وَكُلِّ مَا عَدَا الْمَأْكُولَ وَالْمَشْرُوبَ مِمَّا تَقَعُ عَلَيْهِ الصَّفْقَةُ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ أَوْ حَيَوَانٍ وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الْعَرِيَّةَ وَسَمَّى أَجَلًا لِلثَّمَنِ كَانَ حَلَالًا وَالْبَيْعُ جَائِزٌ فِيهَا كَهُوَ فِي طَعَامٍ مَوْضُوعٍ اُبْتِيعَ بِعَرَضٍ وَقَبَضَ الطَّعَامَ وَلَمْ يَقْبِضْ الْعَرَضَ إمَّا كَانَ حَالًّا فَكَانَ لِصَاحِبِهِ قَبْضُهُ مِنْ بَيْعِهِ مَتَى شَاءَ وَإِمَّا كَانَ إلَى أَجَلٍ فَكَانَ لَهُ قَبْضُهُ مِنْهُ عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْأَجَلِ.

(قَالَ): وَلَا تُبَاعُ الْعَرَايَا بِشَيْءٍ مِنْ صِنْفِهِ جُزَافًا لِاتِّبَاعِ عَرِيَّةِ النَّخْلِ بِتَمْرِهِ جُزَافًا وَلَا بِتَمْرِ نَخْلَةٍ مِثْلِهَا وَلَا أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ هَذَا مُحَرَّمٌ إلَّا كَيْلًا بِكَيْلٍ إلَّا الْعَرَايَا خَاصَّةً؛ لِأَنَّ الْخَرْصَ فِيهَا يَقُومُ مَقَامَ الْكَيْلِ بِالْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُبَاعُ تَمْرُ نَخْلَةٍ جُزَافًا بِثَمَرِ عِنَبَةٍ وَشَجَرَةٍ غَيْرِهَا جُزَافًا؛ لِأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْفَضْلِ فِي بَعْضِ هَذَا عَلَى بَعْضٍ مَوْضُوعًا بِالْأَرْضِ وَاَلَّذِي أَذْهَبُ إلَيْهِ أَنْ لَا بَأْسَ أَنْ يَبْتَاعَ الرَّجُلُ الْعَرَايَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَحَلَّهَا فَلَمْ يَسْتَثْنِ فِيهَا أَنَّهَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ دُونَ أَحَدٍ، وَإِنْ كَانَ سَبَبُهَا بِمَا وَصَفْت فَالْخَبَرُ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَاءَ بِإِطْلَاقِ إحْلَالِهَا وَلَمْ يَحْظُرْهُ عَلَى أَحَدٍ فَنَقُولُ يَحِلُّ لَك وَلِمَنْ كَانَ مِثْلَك كَمَا قَالَ فِي الضَّحِيَّةِ بِالْجَذَعَةِ تُجْزِيك وَلَا تُجْزِي غَيْرَك وَكَمَا حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمَيْتَةَ فَلَمْ يُرَخِّصْ فِيهَا إلَّا لِلْمُضْطَرِّ، وَهِيَ بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَشْبَهَ إذْ «مَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسَافِرًا فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى مُقِيمٍ أَنْ يَمْسَحَ»، وَكَثِيرٌ مِنْ الْفَرَائِضِ قَدْ نَزَلَتْ بِأَسْبَابِ قَوْمٍ فَكَانَ لَهُمْ وَلِلنَّاسِ عَامَّةً إلَّا مَا بَيَّنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>