للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تِسْعَةُ أَعْشَارٍ وَنِصْفُ عُشْرِ الْكُلِّ أَوْ يَرُدُّ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلَّمْ إلَيْهِ كُلُّ مَا اشْتَرَى وَالثَّانِي إنْ شَاءَ أَخَذَ الْفَضْلَ عَنْ الصَّدَقَةِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ.

(قَالَ الرَّبِيعُ): وَلِلشَّافِعِيِّ فِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ إنَّ الصَّفْقَةَ كُلَّهَا بَاطِلَةٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ بَاعَهُ مَا مَلَكَ وَمَا لَمْ يَمْلِكْ فَلَمَّا جَمَعَتْ الصَّفْقَةُ حَرَامَ الْبَيْعِ وَحَلَالَ الْبَيْعِ بَطَلَتْ الصَّفْقَةُ كُلُّهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ قَالَ بَائِعُ الْحَائِطِ الصَّدَقَةُ عَلَيَّ، لَمْ يَلْزَمْ الْبَيْعُ الْمُشْتَرِيَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ وَذَلِكَ أَنَّ عَلَى السُّلْطَانِ أَخْذُ الصَّدَقَةِ مِنْ الثَّمَرَةِ الَّتِي فِي يَدِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ بِمَكِيلَتِهَا ثَمَرًا مِنْ غَيْرِهَا قَالَ وَكَذَلِكَ الرُّطَبُ لَا يَكُونُ ثَمَرًا؛ لِأَنَّ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَأْخُذَ عُشْرَ الرُّطَبِ فَإِنْ صَارَ السُّلْطَانُ إلَى أَنْ يَضْمَنَ عُشْرَ رُطَبِهِ ثَمَرًا مِثْلَ رُطَبِهِ لَوْ كَانَ يَكُونُ تَمْرًا أَوْ اشْتَرَى الْمُشْتَرِي بَعْدَهَا رَجَوْت أَنْ يَجُوزَ الشِّرَاءُ فَأَمَّا إنْ اشْتَرَى قَبْلَ هَذَا فَهُوَ كَمَنْ اشْتَرَى مِنْ ثَمَرِ حَائِطٍ فِيهِ الْعُشْرُ لِمَا وَصَفْت مِنْ أَنْ يُؤْخَذَ عُشْرُهُ رُطَبًا وَإِنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ يَأْخُذُ عُشْرَ ثَمَنِ الرُّطَبِ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ لَهُ فِيهِ فَإِذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا فَالْبَيْعُ وَقَعَ عَلَى الْكُلِّ وَلَمْ يُسَلَّمْ لَهُ وَلَهُ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ تِسْعَةَ أَعْشَارِهِ بِتِسْعَةِ أَعْشَارِ الثَّمَنِ أَوْ رَدِّهِ كُلِّهِ.

(قَالَ): وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ أَجَازَ الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا، إنْ كَانَ قَدْ عَرَفَ الْمُتَبَايِعَانِ مَعًا أَنَّ الصَّدَقَةَ فِي الثَّمَرَةِ فَإِنَّمَا اشْتَرَى هَذَا وَبَاعَ هَذَا الْفَضْلَ عَنْ الصَّدَقَةِ وَالصَّدَقَةُ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَهُمَا.

(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ): قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ عَطَاءً قَالَ إنْ بِعْت ثَمَرَك وَلَمْ تَذْكُرْ الصَّدَقَةَ أَنْتَ وَلَا بَيْعَك فَالصَّدَقَةُ عَلَى الْمُبْتَاعِ قَالَ إنَّمَا الصَّدَقَةُ عَلَى الْحَائِطِ قَالَ هِيَ عَلَى الْمُبْتَاعِ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ فَقُلْت لَهُ: إنْ بِعْتَهُ قَبْلَ أَنْ يُخْرَصَ أَوْ بَعْدَمَا يُخْرَصُ؟ قَالَ نَعَمْ.

(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ): قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ مِثْلَ قَوْلِ عَطَاءٍ إنَّمَا هِيَ عَلَى الْمُبْتَاعِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَا قَالَا مِنْ هَذَا كَمَا قَالَا إنَّمَا الصَّدَقَةُ فِي عَيْنِ الشَّيْءِ بِعَيْنِهِ فَحَيْثُمَا تَحَوَّلَ فَفِيهِ الصَّدَقَةُ أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ وَرِثَ أُخِذَتْ الصَّدَقَةُ مِنْ الْحَائِطِ وَكَذَلِكَ لَوْ وُهِبَ لَهُ ثَمَرُهُ أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ مَلَكَهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ.

(قَالَ): وَقَدْ قِيلَ فِي هَذَا شَيْءٌ آخَرُ: إنَّ الثَّمَرَةَ إذَا وَجَبَتْ فِيهَا الصَّدَقَةُ ثُمَّ بَاعَهَا فَالصَّدَقَةُ فِي الثَّمَرَةِ وَالْمُبْتَاعُ مُخَيَّرٌ؛ لِأَنَّهُ بَاعَهُ مَالَهُ وَمَا لِلْمَسَاكِينِ فِي أَخْذِ غَيْرِ الصَّدَقَةِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ رَدِّ الْبَيْعِ.

(قَالَ): وَأَمَّا إذَا وَهَبَهَا أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا أَوْ وَرِثَ الثَّمَرَةَ عَنْ أَحَدٍ وَقَدْ أُوجِبَتْ فِيهَا الصَّدَقَةُ أَوْ لَمْ تَجِبْ فَهَذَا كُلُّهُ مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ الصَّدَقَاتِ بِتَفْرِيعِهِ.

(قَالَ): وَقَدْ قَالَ غَيْرُ مَنْ وَصَفْت قَوْلَهُ الصَّدَقَةُ عَلَى الْبَائِعِ وَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَالثَّمَرَةُ كُلُّهَا لِلْمُبْتَاعِ.

(قَالَ): وَإِذَا كَانَ لِلْوَالِي أَنْ يَأْخُذَ الصَّدَقَةَ مِنْ الثَّمَرَةِ فَلَمْ تَخْلُصْ الثَّمَرَةُ لَهُ كُلُّهَا، وَإِنْ قَالَ يُعْطِيهِ رَبُّ الْحَائِطِ ثَمَرًا مِثْلَهَا فَقَدْ أَحَالَ الصَّدَقَةَ فِي غَيْرِ الْعَيْنِ الَّتِي وَجَبَتْ فِيهَا الصَّدَقَةُ وَالْعَيْنُ مَوْجُودَةٌ.

(قَالَ): وَمَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ فَإِنَّمَا يَقُولُ هُوَ لَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ فِي أَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارٌ كَانَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ دِينَارًا مِثْلَهُ مِنْ غَيْرِهَا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْمَاشِيَةِ وَصُنُوفِ الصَّدَقَةِ.

(قَالَ): قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْمَالِ صَدَقَةٌ وَالشَّرْطُ مِنْ الصَّدَقَةِ فَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ لَا مِنْ غَيْرِهِ فَبِهَذَا أَقُولُ، وَبِهَذَا اخْتَرْت الْقَوْلَ الْأَوَّلَ مِنْ أَنَّ الْبَيْعَ لَازِمٌ فِيمَا لَا صَدَقَةَ فِيهِ وَغَيْرُ لَازِمٍ فِيمَا فِيهِ الصَّدَقَةُ إذَا عُرِفَتْ عَرَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي مَا يَبِيعُ هَذَا وَيَشْتَرِي هَذَا.

(قَالَ): وَإِذَا سَمَّى الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي الصَّدَقَةَ وَعَرَّفَاهَا فَتَعَدَّى عَلَيْهِ الْوَالِي فَأَخَذَ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَالْوَالِي كَالْغَاصِبِ فِيمَا جَاوَزَ الصَّدَقَةَ وَالْقَوْلُ فِيهَا كَالْقَوْلِ فِي الْغَاصِبِ فَمَنْ لَمْ يَضَعْ الْجَائِحَةَ قَالَ هَذَا رَجُلٌ ظَلَمَ مَالَهُ وَلَا ذَنْبَ عَلَى بَائِعِهِ فِي ظُلْمِ غَيْرِهِ وَقَدْ قَبَضَ مَا ابْتَاعَ وَمَنْ وَضَعَ الْجَائِحَةَ كَانَ إنَّمَا يَضَعُهَا بِمَعْنَى أَنَّهَا غَيْرُ تَامَّةِ الْقَبْضِ يُشْبِهُ أَنْ يَلْزَمَهُ أَنْ يَضَعَ عَنْهُ بِقَدْرِ الْعُدْوَانِ عَلَيْهِ وَيُخَيِّرُهُ بَعْدَ الْعُدْوَانِ فِي رَدِّ الْبَيْعِ أَوْ أَخْذِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلَّمْ إلَيْهِ كَمَا بَاعَهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ الْمَظْلَمَةِ لَيْسَتْ بِجَائِحَةٍ قِيلَ وَمَا مَعْنَى الْجَائِحَةِ؟ أَلَيْسَ مَا أُتْلِفَ مِنْ مَالِ الرَّجُلِ - فَالْمَظْلَمَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>