للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرَهُ مِنْ غَيْرِ صِنْفِهِ اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ أَكْثَرَ إذَا تَقَابَضَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا وَلَوْ كَانَ هَذَا مِنْ بَيْعٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِهِ مِنْ غَيْرِ صِنْفِهِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ بِهِ مِنْ صِنْفِهِ أَجْوَدَ أَوْ أَرْدَأَ قَبْلَ مَحَلِّ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ، إذَا طَابَ بِذَلِكَ نَفْسًا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي مِنْ الرَّجُلِ طَعَامًا مَوْصُوفًا فَيَحِلُّ فَيَسْأَلُهُ رَجُلٌ أَنْ يُسَلِّفَهُ إيَّاهُ فَيَأْمُرُهُ أَنْ يَتَقَاضَى ذَلِكَ الطَّعَامَ فَإِذَا صَارَ فِي يَدِهِ أَسْلَفَهُ إيَّاهُ أَوْ بَاعَهُ فَلَا بَأْسَ بِهَذَا إذَا كَانَ إنَّمَا وَكَّلَهُ بِأَنْ يَقْبِضَهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ أَحْدَثَ بَعْدَ الْقَبْضِ السَّلَفَ أَوْ الْبَيْعَ وَإِنَّمَا كَانَ أَوَّلًا وَكِيلًا لَهُ وَلَهُ مَنْعُهُ السَّلَفَ وَالْبَيْعَ وَقَبْضَ الطَّعَامِ مِنْ يَدِهِ وَلَوْ كَانَ شَرَطَ لَهُ أَنَّهُ إذَا تَقَاضَاهُ أَسْلَفَهُ إيَّاهُ أَوْ بَاعَهُ إيَّاهُ لَمْ يَكُنْ سَلَفًا وَلَا بَيْعًا وَكَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي التَّقَاضِي

(قَالَ): وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى رَجُلٍ لَهُ زَرْعٌ قَائِمٌ فَقَالَ: وَلِّنِي حَصَادَهُ وَدِرَاسَهُ ثُمَّ أَكْتَالُهُ فَيَكُونُ عَلَيَّ سَلَفًا لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا خَيْرٌ وَكَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي الْحَصَادِ وَالدِّرَاسِ إنْ حَصَدَهُ وَدَرَسَهُ وَلِصَاحِبِ الطَّعَامِ أَخْذُ الطَّعَامِ مِنْ يَدَيْهِ، وَلَوْ كَانَ تَطَوَّعَ لَهُ بِالْحَصَادِ وَالدِّرَاسِ ثُمَّ أَسْلَفَهُ إيَّاهُ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ، وَسَوَاءٌ الْقَلِيلُ فِي هَذَا وَالْكَثِيرُ فِي كُلِّ حَلَالٌ وَحَرَامٌ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَنْ أَسْلَفَ رَجُلًا طَعَامًا فَشَرَطَ عَلَيْهِ خَيْرًا مِنْهُ أَوْ أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَلَهُ مِثْلُ مَا أَسْلَفَهُ إنْ اسْتَهْلَكَ الطَّعَامَ، فَإِنْ أَدْرَكَ الطَّعَامَ بِعَيْنِهِ أَخَذَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ فَلَهُ قِيمَتُهُ، وَإِنْ أَسْلَفَهُ إيَّاهُ لَا يَذْكُرُ مِنْ هَذَا شَيْئًا فَأَعْطَاهُ خَيْرًا مِنْهُ مُتَطَوِّعًا أَوْ أَعْطَاهُ شَرًّا مِنْهُ فَتَطَوَّعَ هَذَا بِقَبُولِهِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَتَطَوَّعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَلَهُ مِثْلُ سَلَفِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَسْلَفَ رَجُلًا طَعَامًا عَلَى أَنْ يُقْبِضَهُ إيَّاهُ بِبَلَدٍ آخَرَ كَانَ هَذَا فَاسِدًا وَعَلَيْهِ أَنْ يُقْبِضَهُ إيَّاهُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي أَسْلَفَهُ فِيهِ.

(قَالَ): وَلَوْ أَسْلَفَهُ إيَّاهُ بِبَلَدٍ فَلَقِيَهُ بِبَلَدٍ آخَرَ فَتَقَاضَاهُ الطَّعَامَ أَوْ كَانَ اسْتَهْلَكَ لَهُ طَعَامًا فَسَأَلَ أَنْ يُعْطِيَهُ ذَلِكَ الطَّعَامَ فِي الْبَلَدِ الَّذِي لَقِيَهُ فِيهِ فَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَيُقَالُ إنْ شِئْت فَاقْبِضْ مِنْهُ طَعَامًا مِثْلَ طَعَامِك بِالْبَلَدِ الَّذِي اسْتَهْلَكَهُ لَك أَوْ أَسْلَفْته إيَّاهُ فِيهِ، وَإِنْ شِئْت أَخَذْنَاهُ لَك الْآنَ بِقِيمَةِ ذَلِكَ الطَّعَامِ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ دَعَا إلَى أَنْ يُعْطِيَ طَعَامًا بِذَلِكَ الْبَلَدِ فَامْتَنَعَ الَّذِي لَهُ الطَّعَامُ لَمْ يُجْبَرْ الَّذِي لَهُ الطَّعَامُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ طَعَامًا مَضْمُونًا لَهُ بِبَلَدٍ غَيْرِهِ، وَهَكَذَا كُلُّ مَا كَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنَّمَا رَأَيْت لَهُ الْقِيمَةَ فِي الطَّعَامِ يَغْصِبُهُ بِبَلَدٍ فَيَلْقَى الْغَاصِبَ بِبَلَدٍ غَيْرِهِ أَنِّي أَزْعُمُ أَنَّ كُلَّ مَا اُسْتُهْلِكَ لِرَجُلٍ فَأَدْرَكَهُ بِعَيْنِهِ أَوْ مِثْلِهِ أَعْطَيْته الْمِثْلَ أَوْ الْعَيْنَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ وَلَا عَيْنٌ أَعْطَيْته الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّهَا تَقُومُ مَقَامَ الْعَيْنِ إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ وَالْمِثْلُ عَدَمًا فَلَمَّا حَكَمْت أَنَّهُ إذَا اسْتَهْلَكَ لَهُ طَعَامًا بِمِصْرَ فَلَقِيَهُ بِمَكَّةَ أَوْ بِمَكَّةَ فَلَقِيَهُ بِمِصْرَ لَمْ أَقْضِ لَهُ بِطَعَامٍ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِ حَقِّهِ أَنْ يُعْطَى مِثْلَهُ بِالْبَلَدِ الَّذِي ضَمِنَ لَهُ بِالِاسْتِهْلَاكِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ النَّقْصِ وَالزِّيَادَةِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَمَا فِي الْحَمْلِ عَلَى الْمُسْتَوَى فَكَانَ الْحُكْمُ هَذَا أَنَّهُ لَا عَيْنَ وَلَا مِثْلَ لَهُ أَقْضِي بِهِ وَأُجْبِرُهُ عَلَى أَخْذِهِ فَجَعَلْته كَمَا لَا مِثْلَ لَهُ فَأَعْطَيْته قِيمَتَهُ إذَا كُنْت أُبْطِلُ الْحُكْمَ لَهُ بِمِثْلِهِ، وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَ هَذَا مِنْ بَيْعٍ كَانَ الْجَوَابُ فِي ذَلِكَ أَنْ لَا أُجْبِرَ وَاحِدًا مِنْهُمَا عَلَى أَخْذِهِ وَلَا دَفْعِهِ بِبَلَدٍ غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي ضَمِنَهُ وَضَمِنَ لَهُ فِيهِ هَذَا، وَلَا أَجْعَلُ لَهُ الْقِيمَةَ مِنْ قِبَلِ أَنَّ ذَلِكَ يَدْخُلُهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ وَأُجْبِرُهُ عَلَى أَنْ يَمْضِيَ فَيَقْبِضَهُ أَوْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقْبِضُهُ بِذَلِكَ الْبَلَدِ وَأُؤَجِّلُهُ فِيهِ أَجَلًا فَإِنْ دَفَعَهُ إلَيْهِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ وَإِلَّا حَبَسْتُهُ حَتَّى يَدْفَعَهُ إلَيْهِ أَوْ إلَى وَكِيلِهِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): السَّلَفُ كُلُّهُ حَالٌّ سَمَّى لَهُ الْمُسْلَفُ أَجَلًا أَوْ لَمْ يُسَمِّهِ، وَإِنْ سَمَّى لَهُ أَجَلًا ثُمَّ دَفَعَهُ إلَيْهِ الْمُسْلِفُ قَبْلَ الْأَجَلِ جُبِرَ عَلَى أَخْذِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَى أَجَلٍ قَطُّ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يُبْرِئَهُ مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ مِنْ بَيْعٍ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى أَخْذِهِ حَتَّى يَحِلَّ أَجَلُهُ، وَهَذَا فِي كُلِّ مَا كَانَ يَتَغَيَّرُ بِالْحَبْسِ فِي يَدَيْ صَاحِبِهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ يُعْطِيهِ إيَّاهُ بِالصِّفَةِ قَبْلَ يَحِلَّ الْأَجَلُ فَيَتَغَيَّرَ عَنْ الصِّفَةِ عِنْدَ مَحَلِّ الْأَجَلِ فَيَصِيرَ بِغَيْرِ الصِّفَةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>