كَانَ فِيهَا لَبَنٌ حِينَ تُبَاعُ بِاللَّبَنِ؛ لِأَنَّ لِلَّبَنِ الَّذِي فِيهَا حِصَّةً مِنْ اللَّبَنِ الْمَوْضُوعِ لَا تُعْرَفُ، وَإِنْ كَانَتْ مَذْبُوحَةً لَا لَبَنَ فِيهَا فَلَا بَأْسَ بِهَا بِلَبَنٍ وَلَا خَيْرَ فِيهَا مَذْبُوحَةً بِلَبَنٍ إلَى أَجَلٍ وَلَا بَأْسَ بِهَا قَائِمَةً لَا لَبَنَ فِيهَا بِلَبَنٍ إلَى أَجَلٍ؛ لِأَنَّهُ عَرَضٌ بِطَعَامٍ؛ وَلِأَنَّ الْحَيَوَانَ غَيْرُ الطَّعَامِ فَلَا بَأْسَ بِمَا سَمَّيْتَ مِنْ أَصْنَافِ الْحَيَوَانِ بِأَيِّ طَعَامٍ شِئْت إلَى أَجَلٍ؛ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ لَيْسَ مِنْ الطَّعَامِ وَلَا مِمَّا فِيهِ رِبًا وَلَا بَأْسَ بِالشَّاةِ لِلذَّبْحِ بِالطَّعَامِ إلَى أَجَلٍ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا بَأْسَ بِالشَّاةِ بِاللَّبَنِ إذَا كَانَتْ الشَّاةُ لَا لَبَنَ فِيهَا، مِنْ قِبَلِ أَنَّهَا حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ الْعَرَضِ بِالطَّعَامِ، وَالْمَأْكُولُ كُلُّ مَا أَكَلَهُ بَنُو آدَمَ وَتَدَاوَوْا بِهِ حَتَّى الْإِهْلِيلَجِ وَالصَّبِرِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ بِالذَّهَبِ وَكُلُّ مَا لَمْ يَأْكُلْهُ بَنُو آدَمَ وَأَكَلَتْهُ الْبَهَائِمُ فَلَا بَأْسَ بِبَعْضِهِ بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ وَإِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَالطَّعَامُ بِالطَّعَامِ إذَا اخْتَلَفَ بِمَنْزِلَةِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ سَوَاءٌ، يَجُوزُ فِيهِ مَا يَجُوزُ فِيهِ، وَيَحْرُمُ فِيهِ مَا يَحْرُمُ فِيهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا اخْتَلَفَ أَجْنَاسُ الْحِيتَانِ فَلَا بَأْسَ بِبَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا وَكَذَلِكَ لَحْمُ الطَّيْرِ إذَا اخْتَلَفَ أَجْنَاسُهَا وَلَا خَيْرَ فِي اللَّحْمِ الطَّرِيِّ بِالْمَالِحِ وَالْمَطْبُوخِ.
وَلَا بِالْيَابِسِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَا يَجُوزُ الطَّرِيُّ بِالطَّرِيِّ وَلَا الْيَابِسُ بِالطَّرِيِّ حَتَّى يَكُونَا يَابِسَيْنِ أَوْ حَتَّى تَخْتَلِفَ أَجْنَاسُهُمَا فَيَجُوزَ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَيْفَ كَانَ.
(قَالَ الرَّبِيعُ): وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْيَمَامَ مِنْ الْحَمَامِ فَلَا يَجُوزُ لَحْمُ الْيَمَامِ بِلَحْمِ الْحَمَامِ مُتَفَاضِلًا.
وَلَا يَجُوزُ إلَّا يَدًا بِيَدٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ، إذَا انْتَهَى يُبْسُهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْحَمَامِ، فَلَا بَأْسَ بِهِ مُتَفَاضِلًا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا يُبَاعُ اللَّحْمُ بِالْحَيَوَانِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، كَانَ مِنْ صِنْفِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ صِنْفِهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ».
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ قَالَ قَدِمْت الْمَدِينَةَ فَوَجَدْت جَزُورًا قَدْ جُزِرَتْ فَجُزِّئَتْ أَجْزَاءً كُلَّ جُزْءٍ مِنْهَا بِعَنَاقٍ فَأَرَدْت أَنْ أَبْتَاعَ مِنْهَا جُزْءًا فَقَالَ لِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ يُبَاعَ حَيٌّ بِمَيِّتٍ» فَسَأَلْت عَنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ فَأُخْبِرْت عَنْهُ خَيْرًا قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي يَحْيَى عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ كَرِهَ بَيْعَ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): سَوَاءٌ كَانَ الْحَيَوَانُ يُؤْكَلُ لَحْمُهُ أَوْ لَا يُؤْكَلُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): سَوَاءٌ اخْتَلَفَ اللَّحْمُ وَالْحَيَوَانُ أَوْ لَمْ يَخْتَلِفْ وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَفِ فِي اللَّحْمِ إذَا دَفَعْت مَا سُلِّفْت فِيهِ قَبْلَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْ اللَّحْمِ شَيْئًا وَتُسَمِّي اللَّحْمَ مَا هُوَ وَالسَّمَانَةُ وَالْمَوْضِعُ وَالْأَجَلُ فِيهِ، فَإِنْ تَرَكْت مِنْ هَذَا شَيْئًا لَمْ يَجُزْ وَلَا خَيْرَ فِي أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ فِيهِ إلَّا وَاحِدًا فَإِذَا كَانَ الْأَجَلُ فِيهِ وَاحِدًا ثُمَّ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا فِي كُلِّ يَوْمٍ أَخَذَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَتْرُكَ تَرَكَ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا خَيْرَ فِي أَنْ يَأْخُذَ مَكَانَ لَحْمِ ضَأْنٍ قَدْ حَلَّ لَحْمَ بَقَرٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بَيْعُ الطَّعَامِ، قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا خَيْرَ فِي السَّلَفِ فِي الرُّءُوسِ.
وَلَا فِي الْجُلُودِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَا يُوقَفُ لِلْجُلُودِ عَلَى ذَرْعٍ وَأَنَّ خِلْقَتَهَا تَخْتَلِفُ فَتَتَبَايَنُ فِي الرِّقَّةِ وَالْغِلَظِ وَأَنَّهَا لَا تَسْتَوِي عَلَى كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ، وَلَا يَجُوزُ السَّلَفُ فِي الرُّءُوسِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَوِي عَلَى وَزْنٍ وَلَا تُضْبَطُ بِصِفَةٍ فَتَجُوزُ كَمَا تَجُوزُ الْحَيَوَانَاتُ الْمَعْرُوفَةُ بِالصِّفَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُشْتَرَى إلَّا يَدًا بِيَدٍ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَفِ فِي الطَّرِيِّ مِنْ الْحِيتَانِ إنْ ضُبِطَ بِوَزْنٍ وَصِفَةٍ مِنْ صِغَرٍ وَكِبَرٍ وَجِنْسٍ مِنْ الْحِيتَانِ مُسَمًّى لَا يَخْتَلِفُ فِي الْحَالِ الَّتِي يَحِلُّ فِيهَا فَإِنْ أَخْطَأَ مِنْ هَذَا شَيْئًا لَمْ يَجُزْ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَفِ فِي الْحَيَوَانِ كُلِّهِ فِي الرَّقِيقِ وَالْمَاشِيَةِ وَالطَّيْرِ إذَا كَانَ تُضْبَطُ صِفَتُهُ وَلَا يَخْتَلِفُ فِي الْحِينِ الَّذِي يَحِلُّ فِيهِ وَسَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُسْتَحْيَا أَوْ مِمَّا لَا يُسْتَحْيَا فَإِذَا حَلَّ مِنْ هَذَا شَيْءٌ، وَهُوَ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ اُبْتِيعَ لَمْ يَجُزْ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَبِيعَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ وَلَا يَصْرِفَهُ إلَى غَيْرِهِ وَلَكِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقِيلَ مِنْ أَصْلِ الْبَيْعِ وَيَأْخُذَ الثَّمَنَ وَلَا يَجُوزَ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ الشَّاةَ وَيَسْتَثْنِيَ شَيْئًا مِنْهَا جِلْدًا وَلَا غَيْرَهُ فِي سَفَرٍ وَلَا حَضَرٍ وَلَوْ كَانَ الْحَدِيثُ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -