صَلَاحُهُ وَلَا يَجُوزُ شِرَاءُ مَا كَانَ الْمُشْتَرَى مِنْهُ تَحْتَ الْأَرْضِ مِثْلُ الْجَزَرِ وَالْبَصَلِ وَالْفُجْلِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَيَجُوزُ شِرَاءُ مَا ظَهَرَ مِنْ وَرَقِهِ؛ لِأَنَّ الْمَغِيبَ مِنْهُ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ وَيَكُونُ وَلَا يَكُونُ وَيَصْغُرُ وَيَكْبُرُ وَلَيْسَ بِعَيْنٍ تُرَى فَيَجُوزُ شِرَاؤُهَا وَلَا مَضْمُونٍ بِصِفَةٍ فَيَجُوزُ شِرَاؤُهُ وَلَا عَيْنٍ غَائِبَةٍ فَإِذَا ظَهَرَتْ لِصَاحِبِهَا كَانَ لَهُ الْخِيَارُ وَلَا أَعْلَمُ الْبَيْعَ يَخْرُجُ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا كَانَ فِي بَيْعِ الزَّرْعِ قَائِمًا خَبَرٌ يَثْبُتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَجَازَهُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ فَهُوَ جَائِزٌ فِي الْحَالِ الَّتِي أَجَازَهُ فِيهَا وَغَيْرُ جَائِزٍ فِي الْحَالِ الَّتِي تُخَالِفُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خَبَرُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى حَالٍ؛ لِأَنَّهُ مَغِيبٌ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ وَيَفْسُدُ وَيَصْلُحُ كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ حِنْطَةٍ فِي جِرَابٍ وَلَا غِرَارَةٍ وَهُمَا كَانَا أَوْلَى أَنْ يَجُوزَا مِنْهُ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْقَصِيلِ إلَّا عَلَى أَنْ يُقْطَعَ مَكَانَهُ إذَا كَانَ الْقَصِيلُ مِمَّا يُسْتَخْلَفُ، وَإِنْ تَرَكَهُ انْتَقَضَ فِيهِ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ يَحْدُثُ مِنْهُ مَا لَيْسَ فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ الْقَصِيلُ مِمَّا لَا يَسْتَخْلِفُ وَلَا يَزِيدُ لَمْ يَجُزْ أَيْضًا بَيْعُهُ إلَّا عَلَى أَنْ يَقْطَعَهُ مَكَانَهُ فَإِنْ قَطَعَهُ أَوْ نَتَفَهُ فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْتِفْهُ فَعَلَيْهِ قَطْعُهُ إنْ شَاءَ رَبُّ الْأَرْضِ وَالثَّمَرَةِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى أَصْلَهُ وَمَتَى مَا شَاءَ رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يُقْلِعَهُ عَنْهُ قَلَعَهُ، وَإِنْ تَرَكَهُ رَبُّ الْأَرْضِ حَتَّى تَطِيبَ الثَّمَرُ فَلَا بَأْسَ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ مِنْ الثَّمَرَةِ شَيْءٌ.
(قَالَ): وَإِذَا ظَهَرَ الْقُرْطُ أَوْ الْحَبُّ فَاشْتَرَاهُ عَلَى أَنْ يَقْطَعَهُ مَكَانَهُ فَلَا بَأْسَ وَإِذَا اشْتَرَطَ أَنْ يَتْرُكَهُ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ ثَمَرَةً لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا عَلَى أَنْ يَقْطَعَهَا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَعَلَيْهِ أَنْ يَقْطَعَهَا مَتَى شَاءَ رَبُّ النَّخْلِ، وَإِنْ تَرَكَهُ رَبُّ النَّخْلِ مُتَطَوِّعًا فَلَا بَأْسَ وَالثَّمَرَةُ لِلْمُشْتَرِي وَمَتَى أَخَذَهُ بِقَطْعِهَا قَطَعَهَا فَإِنْ اشْتَرَاهَا عَلَى أَنْ يَتْرُكَهُ إلَى أَنْ يَبْلُغَ فَلَا خَيْرَ فِي الشِّرَاءِ فَإِنْ قَطَعَ مِنْهَا شَيْئًا فَكَانَ لَهُ مِثْلُ رَدِّ مِثْلِهِ وَلَا أَعْلَمُ لَهُ مِثْلًا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ رَدَّ قِيمَتَهُ وَالْبَيْعُ مُنْتَقَضٌ وَلَا خَيْرَ فِي شِرَاءِ التَّمْرِ إلَّا بِنَقْدٍ أَوْ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَالْأَجَلُ الْمَعْلُومُ يَوْمٌ بِعَيْنِهِ مِنْ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ أَوْ هِلَالِ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ إلَى الْعَطَاءِ وَلَا إلَى الْحَصَادِ وَلَا إلَى الْجِدَادِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَقَدَّمُ وَيَتَأَخَّرُ وَإِنَّمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} فَلَا تَوْقِيتَ إلَّا بِالْأَهِلَّةِ أَوْ سِنِي الْأَهِلَّةِ.
(قَالَ): وَلَا خَيْرَ فِي بَيْعِ قَصِيلِ الزَّرْعِ كَانَ حَبًّا أَوْ قَصِيلًا عَلَى أَنْ يُتْرَكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ خَبَرٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خَبَرٌ فَلَا خَيْرَ فِيهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَنْ اشْتَرَى نَخْلًا فِيهَا ثَمَرٌ قَدْ أُبِّرَتْ فَالثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ، فَإِنْ اشْتَرَطَهَا الْمُبْتَاعُ فَجَائِزٌ، مِنْ قِبَلِ أَنَّهَا فِي نَخْلِهِ، وَإِنْ كَانَتْ لَمْ تُؤَبَّرْ فَهِيَ لِلْمُبْتَاعِ، وَإِنْ اشْتَرَطَهَا الْبَائِعُ فَذَلِكَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ النَّخْلِ تَرَكَ لَهُ كَيْنُونَةَ الثَّمَرَةِ فِي نَخْلِهِ حِينَ بَاعَهُ إيَّاهَا إذَا كَانَ اسْتَثْنَى عَلَى أَنْ يَقْطَعَهَا فَإِنْ اسْتَثْنَى عَلَى أَنْ يُقِرَّهَا فَلَا خَيْرَ فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ بَاعَهُ ثَمَرَةً لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا عَلَى أَنْ تَكُونَ مُقَرَّةً إلَى وَقْتٍ قَدْ تَأْتِي عَلَيْهَا الْآفَةُ قَبْلَهُ وَلَوْ اسْتَثْنَى بَعْضَهَا لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلنِّصْفِ مَعْلُومًا فَيَسْتَثْنِيَهُ عَلَى أَنْ يَقْطَعَهُ ثُمَّ إنْ تَرَكَهُ بَعْدُ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِثْلُ الْبَيْعِ يَجُوزُ فِيهِ مَا يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ وَيَفْسُدُ فِيهِ مَا يَفْسُدُ فِيهِ.
(قَالَ): وَإِذَا أُبِّرَ مِنْ النَّخْلِ وَاحِدَةٌ فَثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ، وَإِنْ لَمْ يُؤَبَّرْ مِنْهَا شَيْءٌ فَثَمَرُهَا لِلْمُبْتَاعِ كَمَا إذَا طَابَ مِنْ النَّخْلِ وَاحِدَةٌ يَحِلُّ بَيْعُهُ، وَإِنْ لَمْ يَطِبْ الْبَاقِي مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَطِبْ مِنْهُ شَيْءٌ لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ وَلَا شَيْءَ مِثْلُ ثَمَرِ النَّخْلِ أَعْرِفُهُ إلَّا الْكُرْسُفَ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ فِي أَكْمَامِهِ كَمَا يَخْرُجُ الطَّلْعُ فِي أَكْمَامِهِ ثُمَّ يَنْشَقُّ فَإِذَا انْشَقَّ مِنْهُ شَيْءٌ فَهُوَ كَالنَّخْلِ يُؤَبَّرُ وَإِذَا انْشَقَّ النَّخْلُ وَلَمْ يُؤَبَّرْ فَهِيَ كَالْإِبَارِ؛ لِأَنَّهُمْ يُبَادِرُونَ بِهِ إبَارَتَهُ إنَّمَا يُؤَبَّرُ سَاعَةَ يَنْشَقُّ وَإِلَّا فَسَدَ فَإِنْ كَانَ مِنْ الثَّمَرِ شَيْءٌ يَطْلُعُ فِي أَكْمَامِهِ ثُمَّ يَنْشَقُّ فَيَصِيرُ فِي انْشِقَاقِهِ فَهُوَ كَالْإِبَارِ فِي النَّخْلِ وَمَا كَانَ مِنْ الثَّمَرِ يَطْلُعُ كَمَا هُوَ لَا كِمَامَ عَلَيْهِ أَوْ يَطْلُعُ عَلَيْهِ كِمَامٌ ثُمَّ لَا يَسْقُطُ كِمَامُهُ فَطُلُوعُهُ كَإِبَارِ النَّخْلِ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ فَإِذَا بَاعَهُ رَجُلٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَالثَّمَرَةُ لَهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ وَمَنْ بَاعَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ تَحْتَ الْأَرْضِ أَوْ فَوْقَهَا بَلَغَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute