للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ قَالَ قُرْءُ الْمَرْأَةِ، أَوْ قُرْءُ حَيْضِ الْمَرْأَةِ ثَلَاثٌ أَوْ أَرْبَعٌ حَتَّى انْتَهَى إلَى عَشْرٍ فَقَالَ لِي ابْنُ عُلَيَّةَ الْجَلْدُ بْنُ أَيُّوبَ أَعْرَابِيٌّ لَا يَعْرِفُ الْحَدِيثَ، وَقَالَ لِي قَدْ اُسْتُحِيضَتْ امْرَأَةٌ مِنْ آلِ أَنَسٍ فَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْهَا فَأَفْتَى فِيهَا وَأَنَسٌ حَيٌّ فَكَيْفَ يَكُونُ عِنْدَ أَنَسٍ مَا قُلْت مِنْ عِلْمِ الْحَيْضِ وَيَحْتَاجُونَ إلَى مَسْأَلَةِ غَيْرِهِ فِيمَا عِنْدَهُ فِيهِ عِلْمٌ وَنَحْنُ وَأَنْتَ لَا نُثْبِتُ حَدِيثًا عَنْ الْجَلْدِ وَيُسْتَدَلُّ عَلَى غَلَطِ مَنْ هُوَ أَحْفَظُ مِنْهُ بِأَقَلَّ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ تَتْرُكُ الرِّوَايَةَ الثَّابِتَةَ عَنْ أَنَسٍ فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ فَلِلْبِكْرِ الْمُتَزَوِّجَةِ سَبْعٌ وَلِلثَّيِّبِ ثَلَاثٌ وَهُوَ يُوَافِقُ سُنَّةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَدَعُ السُّنَّةَ وَقَوْلَ أَنَسٍ وَتَزْعُمُ أَنَّكَ قَبِلْت قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى مَا يُعْرَفُ خِلَافُهُ، قَالَ أَفَيَثْبُتُ عِنْدَك عَنْ أَنَسٍ؟ قُلْت: لَا وَلَا عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَلَكِنِّي أَحْبَبْت أَنْ تَعْلَمَ أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّك إنَّمَا تَتَسَتَّرُ بِالشَّيْءِ لَيْسَتْ لَكَ فِيهِ حُجَّةٌ قَالَ فَلَوْ كَانَ ثَابِتًا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.

(قُلْت) لَيْسَ بِثَابِتٍ فَتَسْأَلُ عَنْهُ قَالَ فَأَجِبْ عَلَى أَنَّهُ ثَابِتٌ. وَلَيْسَ فِيهِ لَوْ كَانَ ثَابِتًا حَرْفٌ مِمَّا قُلْتَ قَالَ: وَكَيْفَ؟ قُلْتُ: لَوْ كَانَ إنَّمَا أَخْبَرَ أَنَّهُ قَدْ رَأَى مَنْ تَحِيضُ ثَلَاثًا وَمَا بَيْنَ ثَلَاثٍ وَعَشْرٍ كَانَ إنَّمَا أَرَادَ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ حَيْضَ الْمَرْأَةِ كَمَا تَحِيضُ لَا تَنْتَقِلُ الَّتِي تَحِيضُ ثَلَاثًا إلَى عَشْرٍ وَلَا تَنْتَقِلُ الَّتِي تَحِيضُ عَشْرًا إلَى ثَلَاثٍ، وَأَنَّ الْحَيْضَ كُلَّمَا رَأَتْ الدَّمَ وَلَمْ يَقُلْ لَا يَكُونُ الْحَيْضُ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، وَلَا أَكْثَرَ مِنْ عَشْرٍ وَهُوَ - إنْ شَاءَ اللَّهُ كَانَ أَعْلَمَ - مِمَّنْ يَقُولُ لَا يَكُونُ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ كَانَ أَوْ يَكُونُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): ثُمَّ زَادَ الَّذِي يَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ الَّذِي لَا أَصْلَ لَهُ وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ فِي حَلَالٍ، أَوْ حَرَامٍ إلَّا مِنْ كِتَابٍ، أَوْ سُنَّةٍ، أَوْ إجْمَاعٍ، أَوْ قِيَاسٍ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ هَذَا فَقَالَ أَحَدُهُمْ لَوْ: كَانَ حَيْضُ امْرَأَةٍ عَشْرَةً مَعْرُوفَةً لَهَا ذَلِكَ فَانْتَقَلَ حَيْضُهَا فَرَأَتْ الدَّمَ يَوْمًا، ثُمَّ ارْتَفَعَ عَنْهَا أَيَّامًا، ثُمَّ رَأَتْهُ الْيَوْمَ الْعَاشِرَ مِنْ مُبْتَدَأِ حَيْضِهَا كَانَتْ حَائِضًا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّمَانِ الَّتِي رَأَتْ فِيهَا الطُّهْرَ وَالْيَوْمِ الْعَاشِرِ الَّذِي رَأَتْ فِيهِ الدَّمَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): ثُمَّ زَادَ فَقَالَ لَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا إلَّا أَنَّهَا رَأَتْ الْحَيْضَ بَعْدَ الْيَوْمِ الْعَاشِرِ خَمْسًا، أَوْ عَشْرًا كَانَتْ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّمَانِيَةِ بَعْدَهُ حَائِضًا وَلَا أَدْرِي أَقَالَ الْيَوْمَ الْعَاشِرَ وَفِيمَا بَعْدَهُ مُسْتَحَاضَةٌ طَاهِرٌ، أَوْ قَالَ فِيمَا بَعْدَ الْعَاشِرِ مُسْتَحَاضَةٌ طَاهِرٌ فَعَابَ صَاحِبُهُ قَوْلَهُ عَلَيْهِ فَسَمِعَتْهُ يَقُولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، مَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَخْطَأَ بِمِثْلِ هَذَا أَنْ يُفْتِيَ أَبَدًا فَجَعَلَهَا فِي أَيَّامٍ تَرَى الدَّمَ طَاهِرًا وَأَيَّامٍ تَرَى الطُّهْرَ حَائِضًا وَخَالَفَهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَزَعَمَ فِي الْأُولَى أَنَّهَا طَاهِرٌ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّمَانِيَةِ وَالْيَوْمِ الْعَاشِرِ وَزَعَمَ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهَا طَاهِرٌ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّمَانِيَةِ بَعْدَهُ حَائِضٌ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ وَمَا بَعْدَهُ إلَى أَنْ تُكْمِلَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ.

ثُمَّ زَعَمَ أَنَّهَا لَوْ حَاضَتْ ثَلَاثًا أَوَّلًا وَرَأَتْ الطُّهْرَ أَرْبَعًا، أَوْ خَمْسًا، ثُمَّ حَاضَتْ ثَلَاثًا، أَوْ يَوْمَيْنِ كَانَتْ حَائِضًا أَيَّامَ رَأَتْ الدَّمَ وَأَيَّامَ رَأَتْ الطُّهْرَ، وَقَالَ إنَّمَا يَكُونُ الطُّهْرُ الَّذِي بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ حَيْضًا إذَا كَانَتْ الْحَيْضَتَانِ أَكْثَرَ مِنْهُ، أَوْ مِثْلَهُ فَإِذَا كَانَ الطُّهْرُ أَكْثَرَ مِنْهُمَا فَلَيْسَ بِحَيْضٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَقُلْت لَهُ لَقَدْ عِبْت مَعِيبًا وَمَا أَرَاك إلَّا قَدْ دَخَلْت فِي قَرِيبٍ مِمَّا عِبْت وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَعِيبَ شَيْئًا، ثُمَّ تَقُولُ بِهِ (قَالَ): إنَّمَا قُلْت إذَا كَانَ الدَّمَانِ اللَّذَانِ بَيْنَهُمَا الطُّهْرُ أَكْثَرَ، أَوْ مِثْلَ الطُّهْرِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَقُلْتُ لَهُ: فَمَنْ قَالَ لَكَ هَذَا (قَالَ): فَبِقَوْلِ مَاذَا قُلْت لَا يَكُونُ الطُّهْرُ حَيْضًا فَإِنْ قُلْتَهُ أَنْتَ قُلْت فَمُحَالٌ لَا يُشْكِلُ أَفَقُلْته بِخَبَرِ قَالَ لَا قُلْت أَفَبِقِيَاسِ قَالَ لَا قُلْت فَمَعْقُولٌ قَالَ نَعَمْ إنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَكُونُ تَرَى الدَّمَ أَبَدًا وَلَكِنَّهَا تَرَاهُ مَرَّةً وَيَنْقَطِعُ عَنْهَا أُخْرَى (قُلْتُ) فَهِيَ فِي الْحَالِ الَّتِي تَصِفُهُ مُنْقَطِعًا اسْتَدْخَلَتْ (قُلْتُ) إذَا اسْتَثْفَرَتْ شَيْئًا فَوَجَدَتْ دَمًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَثُجُّ وَأَقَلُّ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ حُمْرَةٌ، أَوْ كُدْرَةٌ فَإِذَا رَأَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>