للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنَّهُمَا مُخَالِفَانِ لِمَا سِوَاهُمَا مِنْ الثَّمَرِ بِاسْتِجْمَاعِهِمَا وَأَنَّهُ لَا حَائِلَ دُونَهُمَا مِنْ وَرَقٍ وَلَا غَيْرِهِ وَأَنَّ مَعْرِفَةَ خَرْصِهِمَا تَكَادُ أَنْ تَكُونَ بَائِنَةً وَلَا تُخْطِئُ وَلَا يُقْسَمُ شَجَرٌ غَيْرُهُمَا بِخَرْصٍ وَلَا ثَمَرُهُ بَعْدَمَا يُزَايِلُ شَجَرَهُ بِخَرْصٍ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا كَانَ بَيْنَ الْقَوْمِ الْحَائِطُ، فِيهِ الثَّمَرُ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ فَأَرَادُوا اقْتِسَامَهُ فَلَا يَجُوزُ قَسْمُهُ بِالثَّمَرَةِ بِحَالٍ وَكَذَلِكَ إذَا بَدَا صَلَاحُهَا لَمْ يَجُزْ قَسْمُهُ مِنْ قِبَلِ أَنَّ لِلنَّخْلِ وَالْأَرْضِ حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ وَلِلثَّمَرَةِ حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ فَتَقَعُ الثَّمَرَةُ بِالثَّمَرَةِ مَجْهُولَةً لَا بِخَرْصٍ وَلَا بَيْعٍ وَلَا يَجُوزُ قَسْمُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَا يَقْتَسِمَانِ الْأَصْلَ وَتَكُونُ الثَّمَرَةُ بَيْنَهُمَا مُشَاعَةً إنْ كَانَتْ لَمْ تَبْلُغْ أَوْ كَانَتْ قَدْ بَلَغَتْ غَيْرَ أَنَّهَا إذَا بَلَغَتْ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْتَسِمَاهَا بِالْخَرْصِ قَسْمًا مُنْفَرِدًا، وَإِنْ أَرَادَا أَنْ يَكُونَا يَقْتَسِمَانِ الثَّمَرَةَ مَعَ النَّخْلِ اقْتَسَمَاهَا بِبَيْعٍ مِنْ الْبُيُوعِ فَقَوَّمَا كُلَّ سَهْمٍ بِأَرْضِهِ وَشَجَرِهِ وَثَمَرِهِ ثُمَّ أَخَذَا بِهَذَا الْبَيْعِ لَا بِقُرْعَةٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا اخْتَلَفَ فَكَانَ نَخْلًا وَكَرْمًا.:

فَلَا بَأْسَ أَنْ يُقْسَمَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ وَفِيهِمَا ثَمَرَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي تَفَاضُلِ الثَّمَرَةِ بِالثَّمَرَةِ تُخَالِفُهَا رِبًا فِي يَدٍ بِيَدٍ، وَمَا جَازَ فِي الْقَسْمِ عَلَى الضَّرُورَةِ جَازَ فِي غَيْرِهَا وَمَا لَمْ يَجُزْ فِي الضَّرُورَةِ لَمْ يَجُزْ فِي غَيْرِهَا

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا يَصْلُحُ السَّلَمُ فِي ثَمَرِ حَائِطٍ بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْفُذُ وَيُخْطِئُ وَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الرُّطَبِ مِنْ الثَّمَرِ إلَّا بِأَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِي وَقْتِ تَطِيب الثَّمَرَةِ فَإِذَا قَبَضَ بَعْضَهُ وَنَفِدَتْ الثَّمَرَةُ الْمَوْصُوفَةُ قَبْلَ قَبْضِ الْبَاقِي مِنْهَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ رَأْسَ مَالِهِ كُلَّهُ وَيَرُدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ قِيمَةِ مَا أُخِذَ مِنْهُ، وَقِيلَ يُحْسَبُ عَلَيْهِ مَا أُخِذَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَكَانَ كَرَجُلٍ اشْتَرَى مِائَةَ إرْدَبٍّ فَأَخَذَ مِنْهَا خَمْسِينَ وَهَلَكَتْ خَمْسُونَ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الْخَمْسِينَ وَلَهُ الْخِيَارُ فِي أَنْ يَأْخُذَ الْخَمْسِينَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَيَرْجِعَ بِمَا بَقِيَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَلَهُ الْخِيَارُ فِي أَنْ يُؤَخِّرَهُ حَتَّى يَقْبِضَ مِنْهُ رُطَبًا فِي قَابِلٍ بِمِثْلِ صِفَةِ الرُّطَبِ الَّذِي بَقِيَ لَهُ وَمَكِيلَتِهِ كَمَا يَكُونُ لَهُ الْحَقُّ مِنْ الطَّعَامِ فِي وَقْتٍ لَا يَجِدُهُ فِيهِ فَيَأْخُذُهُ بَعْدَهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا خَيْرَ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي مِنْ الرَّجُلِ لَهُ الْحَائِطُ النَّخْلَةَ أَوْ النَّخْلَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ عَلَى أَنْ يَسْتَجْنِيَهَا مَتَى شَاءَ عَلَى أَنَّ كُلَّ صَاعٍ بِدِينَارٍ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا بَيْعَ جُزَافٍ فَيَكُونُ مِنْ مُشْتَرِيهِ إذَا قَبَضَهُ، وَلَا بَيْعَ كَيْلٍ يَقْبِضُهُ صَاحِبُهُ مَكَانَهُ وَقَدْ يُؤَخِّرُهُ فَيَضْمَنُ إذَا قَرُبَ أَنْ يُثْمِرَ، وَهُوَ فَاسِدٌ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا خَيْرَ فِي أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا يَسْتَجْنِيهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ نَخْلَةً بِعَيْنِهَا أَوْ نَخَلَاتٍ بِأَعْيَانِهِنَّ وَيَقْبِضُهُنَّ فَيَكُونُ ضَمَانُهُنَّ مِنْهُ وَيَسْتَجِدُّهُنَّ كَيْفَ شَاءَ وَيَقْطَعُ ثِمَارَهَا مَتَى شَاءَ أَوْ يَشْتَرِيهِنَّ وَتُقْطَعْنَ لَهُ مَكَانَهُ فَلَا خَيْرَ فِي شِرَاءٍ إلَّا شِرَاءَ عَيْنٍ تُقْبَضُ إذَا اُشْتُرِيَتْ لَا حَائِلَ دُونَ قَابِضِهَا أَوْ صِفَةً مَضْمُونَةً عَلَى صَاحِبِهَا وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْأَجَلُ الْقَرِيبُ وَالْحَالُّ وَالْبَعِيدُ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ ذَلِكَ وَلَا خَيْرَ فِي الشِّرَاءِ إلَّا بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ سَاعَةَ يَعْقِدَانِ الْبَيْعَ.

وَإِذَا أَسْلَفَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي رُطَبٍ أَوْ تَمْرٍ أَوْ مَا شَاءَ فَكُلُّهُ سَوَاءٌ، فَإِنْ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ رَأْسِ مَالِهِ وَنِصْفَ سَلَفِهِ فَلَا بَأْسَ إذَا كَانَ لَهُ أَنْ يُقِيلَهُ مِنْ السَّلَفِ كُلِّهِ وَيَأْخُذَ مِنْهُ السَّلَفَ كُلَّهُ فَلِمَ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ النِّصْفَ مِنْ سَلَفِهِ وَالنِّصْفَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ؟ فَإِنْ قَالُوا كَرِهَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ فَقَدْ أَجَازَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَهُوَ جَائِزٌ فِي الْقِيَاسِ وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ سَلَفِهِ وَيَشْتَرِيَ مِنْهُ بِمَا بَقِيَ طَعَامًا وَلَا غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَهُ عَلَيْهِ طَعَامًا وَذَلِكَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ وَلَكِنْ يُفَاسِخُهُ الْبَيْعَ حَتَّى يَكُونَ لَهُ عَلَيْهِ دَنَانِيرُ حَالَّةً

وَإِذَا سَلَّفَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي رُطَبٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَنَفِدَ الرُّطَبُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ هَذَا حَقَّهُ بِتَوَانٍ أَوْ تَرْكٍ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ أَوْ هَرَبَ مِنْ الْبَائِعِ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ رَأْسَ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعُوزٌ بِمَالِهِ فِي كُلِّ حَالٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَبَيْنَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ إلَى أَنْ يُمْكِنَ الرُّطَبُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ فَيَأْخُذُهُ بِهِ وَجَائِزٌ أَنْ يُسَلَّفَ فِي ثَمَرِ رُطَبٍ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ إذَا اشْتَرَطَ أَنْ يَقْبِضَهُ فِي زَمَانِهِ وَلَا خَيْرَ أَنْ يُسَلَّفَ فِي شَيْءٍ إلَّا فِي شَيْءٍ مَأْمُونٍ لَا يَعُوزُ فِي الْحَالِ الَّتِي اشْتَرَطَ قَبْضَهُ فِيهَا فَإِنْ سَلَّفَهُ فِي شَيْءٍ يَكُونُ فِي حَالٍّ وَلَا يَكُونُ لَمْ أُجِزْ فِيهِ السَّلَفَ وَكَانَ كَمَنْ سَلَّفَ فِي حَائِطٍ بِعَيْنِهِ وَأَرْضٍ بِعَيْنِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>