للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا تَبِيعُوا إلَى الْعَطَاءِ، وَلَا إلَى الْأَنْدَرِ، وَلَا إلَى الدِّيَاسِ

(أَخْبَرَنَا) سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ عَطَاءً سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ بَاعَ طَعَامًا فَإِنْ أَجَّلْت عَلَى الطَّعَامِ فَطَعَامُك فِي قَابِلٍ سَلَفٌ قَالَ لَا إلَّا إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَهَذَانِ أَجَلَانِ لَا يَدْرِي إلَى أَيِّهِمَا يُوَفِّيهِ طَعَامَهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ بَاعَ رَجُلٌ عَبْدًا بِمِائَةِ دِينَارٍ إلَى الْعَطَاءِ أَوْ إلَى الْجُدَادِ أَوْ إلَى الْحَصَادِ كَانَ فَاسِدًا وَلَوْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي إبْطَالَ الشَّرْطِ وَتَعْجِيلَ الثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ؛ لِأَنَّ الصَّفْقَة انْعَقَدَتْ فَاسِدَةً فَلَا يَكُونُ لَهُ، وَلَا لَهُمَا إصْلَاحُ جُمْلَةٍ فَاسِدَةٍ إلَّا بِتَجْدِيدِ بَيْعِ غَيْرِهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَالسَّلَفُ بَيْعٌ مَضْمُونٌ بِصِفَةٍ فَإِنْ اخْتَارَ أَنْ يَكُونَ إلَى أَجَلٍ جَازَ وَأَنْ يَكُونَ حَالًّا وَكَانَ الْحَالُّ أَوْلَى أَنْ يَجُوزَ لِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مَضْمُونٌ بِصِفَةٍ كَمَا كَانَ الدَّيْنُ مَضْمُونًا بِصِفَةٍ وَالْآخَرُ أَنَّ مَا أَسْرَعَ الْمُشْتَرِي فِي أَخْذِهِ كَانَ الْخُرُوجُ مِنْ الْفَسَادِ بِغَرُورٍ وَعَارِضٍ أَوْلَى مِنْ الْمُؤَجَّلِ (أَخْبَرَنَا) سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ سَأَلَ عَطَاءً فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ سَلَّفْته ذَهَبًا فِي طَعَامٍ يُوَفِّيهِ قَبْلَ اللَّيْلِ وَدَفَعْت إلَيْهِ الذَّهَبَ قَبْلَ اللَّيْلِ وَلَيْسَ الطَّعَامُ عِنْدَهُ قَالَ: لَا مِنْ أَجْلِ الشَّفِّ وَقَدْ عَلِمَ كَيْفَ السُّوقُ وَكَمْ السِّعْرُ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ فَقُلْت لَهُ لَا يَصْلُحُ السَّلَفُ إلَّا فِي الشَّيْءِ الْمُسْتَأْخَرِ قَالَ لَا إلَّا فِي الشَّيْءِ الْمُسْتَأْخَرِ الَّذِي لَا يُعْلَمُ كَيْفَ يَكُونُ السُّوقُ إلَيْهِ يَرْبَحُ أَوْ لَا يَرْبَحُ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ بَعْدُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): يَعْنِي أَجَازَ السَّلَفَ حَالًّا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقَوْلُهُ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ قَوْلِهِ الَّذِي قَالَهُ أَوَّلًا وَلَيْسَ فِي عِلْمِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَيْفَ السُّوقُ شَيْءٌ يُفْسِدُ بَيْعًا، وَلَا فِي عِلْمِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ أَرَأَيْت لَوْ بَاعَ رَجُلٌ رَجُلًا ذَهَبًا وَهُوَ يَعْرِفُ سُوقَهَا أَوْ سِلْعَةً، وَلَا يَعْلَمُهُ الْمُشْتَرِي أَوْ يَعْلَمُهُ الْمُشْتَرِي، وَلَا يَعْلَمُهُ الْبَائِعُ أَكَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا مَا يُفْسِدُ الْبَيْعَ؟ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا شَيْءٌ يُفْسِدُ بَيْعًا مَعْلُومًا نَسِيئَةً، وَلَا حَالًّا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَمَنْ سَلَّفَ إلَى الْجُدَادِ أَوْ الْحَصَادِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَا أَعْلَمُ إمَّا إلَّا وَالْجُدَادُ يُسْتَأْخَرُ فِيهِ حَتَّى لَقَدْ رَأَيْته يَجِدُّ فِي ذِي الْقَعْدَةِ ثُمَّ رَأَيْته يَجِدُّ فِي الْمُحَرَّمِ وَمِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ بِالنَّخْلِ فَأَمَّا إذَا اعْتَلَّتْ النَّخْلُ أَوْ اخْتَلَفَتْ بُلْدَانُهَا فَهُوَ يَتَقَدَّمُ وَيَتَأَخَّرُ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا.

(قَالَ): وَالْبَيْعُ إلَى الصَّدْرِ جَائِزٌ وَالصَّدْرُ يَوْمُ النَّفْرِ مِنْ مِنًى " فَإِنْ قَالَ وَهُوَ بِبَلَدٍ غَيْرِ مَكَّةَ إلَى مَخْرَجِ الْحَاجِّ أَوْ إلَى أَنْ يَرْجِعَ الْحَاجُّ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ هَذَا غَيْرُ مَعْلُومٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ إلَى فِعْلٍ يُحْدِثُهُ الْآدَمِيُّونَ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ يُعَجِّلُونَ السَّيْرَ وَيُؤَخِّرُونَهُ لِلْعِلَّةِ الَّتِي تَحْدُثُ، وَلَا إلَى ثَمَرَةِ شَجَرَةٍ وَجُدَادِهَا؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ فِي الشُّهُورِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ عَلَمًا فَقَالَ {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} فَإِنَّمَا يَكُونُ الْجُدَادُ بَعْدَ الْخَرِيفِ وَقَدْ أَدْرَكْت الْخَرِيفَ يَقَعُ مُخْتَلِفًا فِي شُهُورِنَا الَّتِي وَقَّتَ اللَّهُ لَنَا يَقَعُ فِي عَامٍ شَهْرًا ثُمَّ يَعُودُ فِي شَهْرٍ بَعْدَهُ فَلَا يَكُونُ الْوَقْتُ فِيمَا يُخَالِفُ شُهُورَنَا الَّتِي وَقَّتَ لَنَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ، وَلَا بِمَا يُحْدِثُهُ الْآدَمِيُّونَ، وَلَا يَكُونُ إلَّا إلَى مَا لَا عَمَلَ لِلْعِبَادِ فِي تَقْدِيمِهِ، وَلَا تَأْخِيرِهِ مِمَّا جَعَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَقْتًا.

(قَالَ): وَلَوْ سَلَّفَهُ إلَى شَهْرِ كَذَا فَإِنْ لَمْ يَتَهَيَّأْ فَإِلَى شَهْرِ كَذَا كَانَ فَاسِدًا حَتَّى يَكُونَ الْأَجَلُ وَاحِدًا مَعْلُومًا.

(قَالَ): وَلَا يَجُوزُ الْأَجَلُ إلَّا مَعَ عَقْدِ الْبَيْعِ وَقَبْلَ تَفَرُّقِهِمَا عَنْ مَوْضِعِهِمَا الَّذِي تَبَايَعَا فِيهِ فَإِنْ تَبَايَعَا وَتَفَرَّقَا عَنْ غَيْرِ أَجَلٍ ثُمَّ أَلْقَيَا فَجَدَّدَا أَجَلًا لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يُجَدِّدَا بَيْعًا (قَالَ): وَكَذَلِكَ لَوْ أَسْلَفَهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ فِي كَيْلٍ مِنْ طَعَامٍ يُوَفِّيهِ إيَّاهُ فِي شَهْرِ كَذَا فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ كُلُّهُ فَفِي شَهْرِ كَذَا كَانَ غَيْرَ جَائِزٍ؛ لِأَنَّ هَذَيْنِ أَجَلَانِ لَا أَجَلٌ وَاحِدٌ فَإِنْ قَالَ أُوَفِّيكَهُ فِيمَا بُيِّنَ إنْ دَفَعْته إلَيَّ إلَى مُنْتَهَى رَأْسِ الشَّهْرِ كَانَ هَذَا أَجَلًا غَيْرَ مَحْدُودٍ حَدًّا وَاحِدًا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَجَلُك فِيهِ شَهْرُ كَذَا أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ، وَلَا يُسَمِّي أَجَلًا وَاحِدًا فَلَا يَصْلُحُ حَتَّى يَكُونَ أَجَلًا وَاحِدًا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ سَلَّفَهُ إلَى شَهْرِ كَذَا فَإِنْ حَبَسَهُ فَلَهُ كَذَا كَانَ بَيْعًا فَاسِدًا، وَإِذَا سَلَّفَ فَقَالَ إلَى شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ كَذَا كَانَ جَائِزًا وَالْأَجَلُ حِينَ يَرَى هِلَالَ شَهْرِ رَمَضَانَ أَبَدًا حَتَّى يَقُولَ إلَى انْسِلَاخِ شَهْرِ رَمَضَانَ أَوْ مُضِيِّهِ أَوْ كَذَا وَكَذَا يَوْمًا يَمْضِي مِنْهُ.

.

<<  <  ج: ص:  >  >>