للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُخَالِفًا غَيْرَ مَضْرُوبِهَا؟ وَهَذَا لَا يَكُونُ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكُلُّ مَا كَانَ فِي الزِّيَادَةِ فِي: بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ الرِّبَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ شَيْءٌ مِنْهُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ إلَى أَجَلٍ، وَلَا شَيْءٌ مِنْهُ مَعَ غَيْرِهِ فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَحْدَهُ، وَلَا مَعَ غَيْرِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ شَاةٌ فِيهَا لَبَنٌ بِلَبَنٍ إلَى أَجَلٍ حَتَّى يُسْلِمَهَا مُسْتَحْلَبًا بِلَا لَبَنٍ، وَلَا سَمْنٍ، وَلَا زُبْدٍ؛ لِأَنَّ حِصَّةَ اللَّبَنِ الَّذِي فِي الشَّاةِ بِشَيْءٍ مِنْ اللَّبَنِ الَّذِي إلَى أَجَلٍ لَا يَدْرِي كَمْ هُوَ لَعَلَّهُ بِأَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ وَاللَّبَنُ لَا يَجُوزُ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَيَدًا بِيَدٍ وَهَكَذَا هَذَا الْبَابُ كُلُّهُ وَقِيَاسُهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا يَحِلُّ عِنْدِي اسْتِدْلَالًا بِمَا وَصَفْت مِنْ السُّنَّةِ وَالْقِيَاسِ أَنْ يُسَلَّفَ شَيْءٌ يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ مِمَّا يُكَالُ فِيمَا يُوزَنُ مِمَّا يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ، وَلَا شَيْءٌ يُوزَنُ فِيمَا يُكَالُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يُسَلَّفَ مُدُّ حِنْطَةٍ فِي رَطْلِ عَسَلٍ، وَلَا رَطْلُ عَسَلٍ فِي مُدِّ زَبِيبٍ، وَلَا شَيْءٌ مِنْ هَذَا وَهَذَا كُلُّهُ قِيَاسًا عَلَى الذَّهَبِ الَّذِي لَا يَصْلُحُ أَنْ يُسْلَمَ فِي الْفِضَّةِ، وَالْفِضَّةُ الَّتِي لَا يَصْلُحُ أَنْ تُسْلَمَ فِي الذَّهَبِ وَالْقِيَاسُ عَلَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ أَنْ لَا يُسَلَّفَ مَأْكُولٌ مَوْزُونٌ فِي مَكِيلٍ مَأْكُولٍ، وَلَا مَكِيلٌ مَأْكُولٌ فِي مَوْزُونٍ مَأْكُولٍ، وَلَا غَيْرُهُ مِمَّا أُكِلَ أَوْ شُرِبَ بِحَالٍ وَذَلِكَ مِثْلُ سَلَفِ الدَّنَانِيرِ فِي الدَّرَاهِمِ، وَلَا يَصْلُحُ شَيْءٌ مِنْ الطَّعَامِ بِشَيْءٍ مِنْ الطَّعَامِ نَسِيئَةً.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا بَأْسَ أَنْ يُسَلَّفَ الْعَرْضُ فِي الْعَرْضِ مِثْلِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَأْكُولًا، وَلَا مَشْرُوبًا أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ لَا بَأْسَ أَنْ يَبِيعَ السِّلْعَةَ بِالسِّلْعَةِ إحْدَاهُمَا نَاجِزَةٌ وَالْأُخْرَى دَيْنٌ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ لَهُ أَبِيعُ السِّلْعَةَ بِالسِّلْعَةِ كِلْتَاهُمَا دَيْنٌ؟ فَكَرِهَهُ قَالَ وَبِهَذَا نَقُولُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَبِيعَ دَيْنًا بِدَيْنٍ وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ وَجْهٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكُلُّ مَا جَازَ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا مِنْ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا جَازَ أَنْ يُسَلَّفَ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ مَا خَلَا الذَّهَبَ فِي الْفِضَّةِ وَالْفِضَّةَ فِي الذَّهَبِ وَالْمَأْكُولَ وَالْمَشْرُوبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي صَاحِبِهِ: فَإِنَّهَا خَارِجَةٌ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُسَلَّفَ مُدُّ حِنْطَةٍ فِي بَعِيرٍ وَبَعِيرٌ فِي بَعِيرَيْنِ وَشَاةٌ فِي شَاتَيْنِ وَسَوَاءٌ اُشْتُرِيَتْ الشَّاةُ وَالْجَدْيُ بِشَاتَيْنِ يُرَادُ بِهِمَا الذَّبْحُ أَوْ لَا يُرَادُ؛ لِأَنَّهُمَا يَتَبَايَعَانِ حَيَوَانًا لَا لَحْمًا بِلَحْمٍ، وَلَا لَحْمًا بِحَيَوَانٍ وَمَا كَانَ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَحْشِيَّةٌ فِي وَحْشِيَّتَيْنِ مَوْصُوفَتَيْنِ مَا خَلَا مَا وَصَفْت.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَا أُكِلَ أَوْ شُرِبَ مِمَّا لَا يُوزَنُ، وَلَا يُكَالُ قِيَاسًا عِنْدِي عَلَى مَا يُكَالُ وَيُوزَنُ مِمَّا يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَكَيْفَ قِسْت مَا لَا يُكَالُ، وَلَا يُوزَنُ مِنْ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ عَلَى مَا يُكَالُ وَيُوزَنُ مِنْهُمَا؟ قُلْت وَجَدْت أَصْلَ الْبُيُوعِ شَيْئَيْنِ، شَيْئًا فِي الزِّيَادَةِ فِي بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ الرِّبَا، وَشَيْئًا لَا رِبَا فِي الزِّيَادَةِ فِي بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ، فَكَانَ الَّذِي فِي الزِّيَادَةِ فِي بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ، الرِّبَا، ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ وَهُمَا بَائِنَانِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِمَا غَيْرُهُمَا لِمُبَايَنَتِهِمَا مَا قِيسَ عَلَيْهِمَا بِمَا وَصَفْنَا مِنْ أَنَّهُمَا ثَمَنٌ لِكُلِّ شَيْءٍ وَجَائِزٌ أَنْ يُشْتَرَى بِهِمَا كُلُّ شَيْءٍ عَدَاهُمَا يَدًا بِيَدٍ وَنَسِيئَةً وَبِحِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ وَتَمْرٍ وَمِلْحٍ وَكَانَ مَأْكُولًا مَكِيلًا مَوْجُودًا فِي السُّنَّةِ تَحْرِيمُ الْفَضْلِ فِي كُلِّ صِنْفٍ مِنْهُ عَلَى الشَّيْءِ مِنْ صِنْفِهِ فَقِسْنَا الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ عَلَيْهِمَا وَوَجَدْنَا مَا يُبَاعُ غَيْرَ مَكِيلٍ، وَلَا مَوْزُونٍ فَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ مِنْ الْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُوزَنُ فَلَمَّا كَانَ الْمَأْكُولُ غَيْرَ الْمَكِيلِ عِنْدَ الْعَامَّةِ، الْمَوْزُونُ عِنْدَهَا مَأْكُولًا فَجَامَعَ الْمَأْكُولُ الْمَكِيلَ الْمَوْزُونَ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَوَجَدْنَا أَهْلَ الْبُلْدَانِ يَخْتَلِفُونَ فَمِنْهُمْ مَنْ يَزِنُ وَزْنًا وَوَجَدْنَا كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْبُلْدَانِ يَزِنُ اللَّحْمَ وَكَثِيرًا لَا يَزِنُهُ وَوَجَدْنَا كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْبُلْدَانِ يَبِيعُونَ الرُّطَبَ جُزَافًا فَكَانَتْ أَفْعَالُهُمْ فِيهِ مُتَبَايِنَةً وَاحْتَمَلَ كُلُّهُ الْوَزْنَ وَالْكَيْلَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكِيلُ مِنْهُ الشَّيْءَ لَا يَكِيلُهُ غَيْرُهُ وَوَجَدْنَا كُلَّهُ يَحْتَمِلُ الْوَزْنَ وَوَجَدْنَا كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَزِنُ اللَّحْمَ وَكَثِيرًا مِنْهُمْ لَا يَزِنُهُ وَوَجَدْنَا كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَبِيعُونَ الرُّطَبَ جُزَافًا وَكَانَتْ أَفْعَالُهُمْ فِيهِ مُتَبَايِنَةً وَاحْتَمَلَ كُلُّهَا الْوَزْنَ أَوْ الْكَيْلَ أَوْ كِلَاهُمَا كَانَ أَنْ يُقَاسَ بِالْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ أَوْلَى بِنَا مِنْ أَنْ يُقَاسَ عَلَى مَا يُبَاعُ عَدَدًا مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>