للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ اشْتَرَاهَا نَقْدًا بِغَيْرِ صِفَةٍ كَانَ بِالْخِيَارِ فِي رَدِّهَا إذَا عَلِمَ أَنَّهَا سَبْطَةٌ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهُ يَرَى أَنَّهَا جَعْدَةٌ وَالْجَعْدَةُ أَكْثَرُ ثَمَنًا مِنْ السَّبْطَةِ وَلَوْ اشْتَرَاهَا سَبْطَةً ثُمَّ جَعُدَتْ ثُمَّ دُفِعَتْ إلَى الْمُسَلِّفِ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهَا؛ لِأَنَّهَا تَلْزَمُهُ سَبْطَةً؛ لِأَنَّ السُّبُوطَةَ لَيْسَتْ بِعَيْبٍ تُرَدُّ مِنْهُ إنَّمَا فِي تَقْصِيرٍ عَنْ حُسْنٍ أَقَلَّ مِنْ تَقْصِيرِهَا بِخِلَافِ الْحُسْنِ عَنْ الْحُسْنِ وَالْحَلَاوَةِ عَنْ الْحَلَاوَةِ.

(قَالَ): وَلَا خَيْرَ فِي أَنْ يُسْلِمَ فِي جَارِيَةٍ بِصِفَةٍ عَلَى أَنْ يُوَفَّاهَا وَهِيَ حُبْلَى، وَلَا فِي ذَاتِ رَحِمٍ مِنْ الْحَيَوَانِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْحَمْلَ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّهُ شَرْطٌ فِيهَا لَيْسَ فِيهَا وَهُوَ شِرَاءُ مَا لَا يُعْرَفُ وَشِرَاؤُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ، وَلَا يَدْرِي أَيَكُونُ أَمْ لَا، وَلَا خَيْرَ فِي أَنْ يُسَلِّفَ فِي نَاقَةٍ بِصِفَةٍ وَمَعَهَا وَلَدُهَا مَوْصُوفًا، وَلَا فِي وَلِيدَةٍ، وَلَا فِي ذَاتِ رَحِمٍ مِنْ حَيَوَانٍ كَذَلِكَ (قَالَ): وَلَكِنْ إنْ أَسْلَفَ فِي وَلِيدَةٍ أَوْ نَاقَةٍ أَوْ ذَاتِ رَحِمٍ مِنْ الْحَيَوَانِ بِصِفَةٍ وَوَصَفَ بِصِفَةٍ وَلَمْ يَقُلْ ابْنُهَا أَوْ وَلَدُ نَاقَةٍ أَوْ شَاةٍ وَلَمْ يَقُلْ وَلَدُ الشَّاةِ الَّتِي أَعْطَاهَا جَازَ وَسَوَاءٌ أَسْلَفْت فِي صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ مَوْصُوفَيْنِ بِصِفَةٍ وَسِنٍّ تَجْمَعُهُمَا أَوْ كَبِيرَيْنِ كَذَلِكَ (قَالَ): وَإِنَّمَا أَجَزْته فِي أَمَةٍ وَوَصِيفٍ يَصِفُهُ لِمَا وَصَفْت مِنْ أَنَّهُ يُسْلِمُ فِي اثْنَيْنِ وَكَرِهْت أَنْ يُقَالَ ابْنُهَا، وَإِنْ كَانَ مَوْصُوفًا؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَلِدُ، وَلَا تَلِدُ وَتَأْتِي عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ، وَلَا تَأْتِي وَكَرِهْته لَوْ قَالَ مَعَهَا ابْنُهَا، وَإِنْ لَمْ يُوصَفْ؛ لِأَنَّهُ شِرَاءُ عَيْنٍ بِغَيْرِ صِفَةٍ وَشَيْءٌ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى صَاحِبِهِ أَلَا تَرَى أَنِّي لَا أُجِيزُ أَنْ أُسَلِّفَ فِي أَوْلَادِهَا سَنَةً؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَلِدُ، وَلَا تَلِدُ وَيَقِلُّ وَلَدُهَا وَيَكْثُرُ وَالسَّلَفُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ يُخَالِفُ بَيْعَ الْأَعْيَانِ.

(قَالَ): وَلَوْ سَلَّفَ فِي نَاقَةٍ مَوْصُوفَةٍ أَوْ مَاشِيَةٍ أَوْ عَبْدٍ مَوْصُوفٍ عَلَى أَنَّهُ خَبَّازٌ أَوْ جَارِيَةٍ مَوْصُوفَةٍ عَلَى أَنَّهَا مَاشِطَةٌ كَانَ السَّلَفُ صَحِيحًا وَكَانَ لَهُ أَدْنَى مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَشْطِ وَأَدْنَى مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْخَبْزِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا وَصَفْت غَيْرُ مَوْجُودٍ بِالْبَلَدِ الَّذِي يُسَلِّفُ فِيهِ بِحَالٍ فَلَا يَجُوزُ.

(قَالَ): وَلَوْ سَلَّفَ فِي ذَاتِ دَرٍّ عَلَى أَنَّهَا لَبُونٍ كَانَ فِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ جَائِزٌ، وَإِذَا وَقَعَ عَلَيْهَا أَنَّهَا لَبُونٌ كَانَتْ لَهُ كَمَا قُلْنَا فِي الْمَسَائِلِ قَبْلَهَا، وَإِنْ تَفَاضَلَ اللَّبَنُ كَمَا يَتَفَاضَلُ الْمَشْيُ وَالْعَمَلُ وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ مِنْ قِبَلِ أَنَّهَا شَاةٌ بِلَبَنٍ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ ابْتِيَاعٌ لَهُ وَاللَّبَنُ يَتَمَيَّزُ مِنْهَا، وَلَا يَكُونُ بِتَصَرُّفِهَا إنَّمَا هُوَ شَيْءٌ يَخْلُقُهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا كَمَا يَحْدُثُ فِيهَا الْبَعْرُ وَغَيْرُهُ فَإِذَا وَقَعَتْ عَلَى هَذَا صِفَةُ الْمُسَلِّفِ كَانَ فَاسِدًا كَمَا يَفْسُدُ أَنْ يَقُولَ أُسَلِّفُك فِي نَاقَةٍ يَصِفُهَا وَلَبَنٍ مَعَهَا غَيْرِ مَكِيلٍ، وَلَا مَوْصُوفٍ وَكَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ أُسَلِّفَك فِي وَلِيدَةٍ حُبْلَى وَهَذَا أَشْبَهُ الْقَوْلَيْنِ بِالْقِيَاسِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَالَ): وَالسَّلَفُ فِي الْحَيَوَانِ كُلِّهِ وَبَيْعُهُ بِغَيْرِهِ وَبَعْضُهُ بِبَعْضٍ هَكَذَا لَا يَخْتَلِفُ مُرْتَفِعُهُمْ وَغَيْرُ مُرْتَفِعِهِمْ وَالْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَالْخَيْلُ وَالدَّوَابُّ كُلُّهَا وَمَا كَانَ مَوْجُودًا مِنْ الْوَحْشِ مِنْهَا فِي أَيْدِي النَّاسِ مِمَّا يَحِلُّ بَيْعُهُ سَوَاءٌ كُلُّهُ وَيُسَلَّفُ كُلُّهُ بِصِفَةٍ إلَّا الْإِنَاثَ مِنْ النِّسَاءِ فَإِنَّا نَكْرَهُ سَلَفَهُنَّ دُونَ مَا سِوَاهُنَّ مِنْ الْحَيَوَانِ.

وَلَا نَكْرَهُ أَنْ يُسَلَّفَ فِيهِنَّ إنَّمَا نَكْرَهُ أَنْ يُسَلَّفْنَ وَإِلَّا الْكَلْبَ وَالْخِنْزِيرَ فَإِنَّهُمَا لَا يُبَاعَانِ بِدَيْنٍ، وَلَا عَيْنٍ.

(قَالَ): وَمَا لَمْ يَنْفَعْ مِنْ السِّبَاعِ فَهُوَ مَكْتُوبٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَكُلُّ مَا لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ لَا يَحِلُّ السَّلَفُ فِيهِ وَالسَّلَفُ بَيْعٌ (قَالَ): وَكُلُّ مَا أَسْلَفْت مِنْ حَيَوَانٍ وَغَيْرِهِ وَشَرَطْت مَعَهُ غَيْرَهُ فَإِنْ كَانَ الْمَشْرُوطُ مَعَهُ مَوْصُوفًا يَحِلُّ فِيهِ السَّلَفُ عَلَى الِانْفِرَادِ جَازَ فَكُنْت إنَّمَا أَسْلَفْت فِيهِ وَفِي الْمَوْصُوفِ مَعَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَجُوزُ السَّلَفُ فِيهِ عَلَى الِانْفِرَادِ فَسَدَ السَّلَفُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسَلِّفَ فِي حَيَوَانٍ مَوْصُوفٍ مِنْ حَيَوَانِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بَلَدٍ بِعَيْنِهِ وَلِإِنْتَاجِ مَاشِيَةِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسَلِّفَ فِيهِ إلَّا فِيمَا لَا يَنْقَطِعُ مِنْ أَيْدِي النَّاسِ كَمَا قُلْنَا فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ.

(قَالَ الرَّبِيعُ): (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا يَجُوزُ أَنْ أُقْرِضَك جَارِيَةً وَيَجُوزُ أَنْ أُقْرِضَك كُلَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>