للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَجْهَيْنِ عَفَا فَالْعَبْدُ رَهْنٌ بِحَالِهِ إنْ عَفَا عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ أَوْ عَفَا عَلَى مَالٍ يَأْخُذُهُ فَالْعَبْدُ رَهْنٌ بِحَالِهِ، وَلَا مَالَ لَهُ فِي رَقَبَةِ عَبْدِهِ، وَلَوْ كَانَتْ جِنَايَةُ الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ عَلَى عَبْدٍ لِلرَّاهِنِ مَرْهُونٌ عِنْدَ آخَرَ كَانَ لِلسَّيِّدِ الْخِيَارُ فِي الْقَوَدِ أَوْ فِي الْعَفْوِ بِلَا شَيْءٍ يَأْخُذُهُ فَأَيَّهُمَا اخْتَارَ فَذَلِكَ لَهُ لَيْسَ لِمُرْتَهِنِ الْعَبْدِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ.

وَإِنْ اخْتَارَ الْعَفْوَ عَلَى مَالٍ يَأْخُذُهُ فَالْمَالُ مَرْهُونٌ فِي يَدَيْ مُرْتَهِنِ الْعَبْدِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. وَإِنْ اخْتَارَ سَيِّدُ الْعَبْدِ عَفْوَ الْمَالِ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ إيَّاهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ فِيهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَبِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ أَجَزْت لِلسَّيِّدِ الرَّاهِنَ أَنْ يَأْخُذَ جِنَايَةَ الْمُرْتَهِنِ عَلَى عَبْدِهِ مِنْ عِتْقِ عَبْدِهِ الْجَانِي، وَلَا يَمْنَعُ الْمُرْتَهِنُ السَّيِّدَ الْعَفْوَ عَلَى غَيْرِ مَالٍ؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَا يَكُونُ عَلَى الْجَانِي عَمْدًا حَتَّى يَخْتَارَهُ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ.

وَإِذَا جَنَى الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ عَلَى أُمِّ وَلَدٍ لِلرَّاهِنِ أَوْ مُدَبَّرٍ أَوْ مُعْتَقٍ إلَى أَجَلٍ فَهِيَ كَجِنَايَتِهِ عَلَى مَمْلُوكِهِ وَالْعَبْدُ مَرْهُونٌ بِحَالِهِ فَإِنْ جَنَى عَلَى مُكَاتَبِ السَّيِّدِ فَقَتَلَهُ عَمْدًا فَلِلسَّيِّدِ الْقَوَدُ أَوْ الْعَفْوُ فَإِنْ تَرَكَ الْقَوَدَ فَالْعَبْدُ رَهْنٌ بِحَالِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى الْمُكَاتَبِ جُرْحًا فَلِلْمَكَاتِبِ الْقَوَدُ أَوْ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ يَأْخُذُهُ، وَإِذَا عَفَاهُ عَنْهُ عَلَى مَالٍ بِيعَ الْعَبْدُ الْجَانِي فَدُفِعَ إلَى الْمُكَاتَبِ أَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ، وَإِذَا حُكِمَ لِلْمُكَاتِبِ بِأَنْ يُبَاعَ لَهُ الْعَبْدُ فِي الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ بَيْعِهِ أَوْ عَجَزَ فَلِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ بَيْعُهُ فِي الْجِنَايَةِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهَا فَيَكُونَ مَا فَضَلَ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ رَقَبَتِهِ رَهْنًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُ بَيْعَهُ عَنْ مُكَاتَبِهِ بِمِلْكٍ غَيْرِ الْمِلْكِ الْأَوَّلِ. وَلَوْ بِيعَ وَالْمُكَاتَبُ حَيٌّ ثُمَّ اشْتَرَاهُ السَّيِّدُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهُ رَهْنًا؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِغَيْرِ الْمِلْكِ الْأَوَّلِ.

وَإِذَا جَنَى الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ عَلَى ابْنٍ لِلرَّاهِنِ أَوْ أَخٍ أَوْ مَوْلًى جِنَايَةً تَأْتِي عَلَى نَفْسِهِ وَالرَّاهِنُ وَارِثُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلِلرَّاهِنِ الْقَوَدُ أَوْ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ أَوْ غَيْرِ الدِّيَةِ فَإِذَا عَفَا عَلَى الدِّيَةِ بِيعَ الْعَبْدُ وَخَرَجَ مِنْ الرَّهْنِ فَإِنْ اشْتَرَاهُ الرَّاهِنُ فَهُوَ مَمْلُوكٌ لَهُ لَا يُجْبَرُ أَنْ يُعِيدَهُ إلَى الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِغَيْرِ الْمِلْكِ الْأَوَّلِ.

وَإِنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: أَنَا أُسَلِّمُ الْعَبْدَ وَأَفْسَخُ الرَّهْنَ فِيهِ وَحَقِّي فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ قِيلَ: إنْ تَطَوَّعْت بِذَلِكَ، وَإِلَّا لَمَا تُكْرَهُ عَلَيْهِ وَبَلَغْنَا الْجَهْدُ فِي بَيْعِهِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْ ثَمَنِهِ فَضْلٌ فَهُوَ رَهْنٌ لَك، وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ فَالْحَقُّ أَتَى عَلَى رَهْنِهِ، وَإِنْ مَلَكَهُ الرَّاهِنُ بِشِرَاءٍ أَوْ تَرَكَ مِنْهُ لِلرَّهْنِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهُ رَهْنًا؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِمِلْكٍ غَيْرِ الْأَوَّلِ وَبَطَلَ الْأَوَّلُ وَبَطَلَ الرَّهْنُ بِفَسْخِك الرَّهْنَ أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ رَهَنَ رَجُلًا عَبْدًا فَاسْتَحَقَّهُ عَلَيْهِ رَجُلٌ كَانَ خَارِجًا مِنْ الرَّهْنِ، وَإِنْ مَلَكَهُ الرَّاهِنُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهُ رَهْنًا لِمَعْنَيَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ إذَا كَانَ رَهَنَهُ، وَلَيْسَ لَهُ فَلَمْ يَكُنْ رَهْنًا كَمَا لَوْ رَهَنَهُ رَهْنًا فَاسِدًا لَمْ يَكُنْ رَهْنًا. وَالْآخَرُ: أَنَّ هَذَا الْمِلْكَ غَيْرُ الْمِلْكِ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَبْطَلَ جِنَايَةَ الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ إذَا جَنَى عَلَى ابْنِ سَيِّدِهِ أَوْ عَلَى أَحَدٍ السَّيِّدُ وَارِثُهُ أَنَّ الْجِنَايَةَ إنَّمَا وَجَبَتْ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ غَيْرُ سَيِّدِ الْجَانِي، وَلَا رَاهِنِهِ، وَإِنَّمَا مَلَكَهَا سَيِّدُهُ الرَّاهِنُ عَنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِمَوْتِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَهَذَا مِلْكٌ غَيْرُ مِلْكِ السَّيِّدِ الْأَوَّلِ.

وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا رَهَنَ عَبْدَهُ ثُمَّ عَدَا الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ عَلَى ابْنٍ لِنَفْسِهِ مَمْلُوكُ الرَّاهِنِ فَقَتَلَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ جَرَحَهُ جُرْحًا عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَلَا قَوَدَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ ابْنِهِ وَالْجِنَايَةُ مَالٌ فِي عُنُقِ الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ فَلَا يَكُونُ لِلسَّيِّدِ بَيْعُهُ بِهَا، وَلَا إخْرَاجُهُ مِنْ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ فِي عُنُقِ عَبْدِهِ دَيْنٌ وَهَكَذَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً فَقَتَلَتْ ابْنَهَا، وَلَوْ كَانَ الِابْنُ الْمَقْتُولُ رَهْنًا لِرَجُلٍ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ لِلْأَبِ بِيعَ الْعَبْدُ الْأَبُ الْقَاتِلُ فَجُعِلَ ثَمَنُ الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ الْمَقْتُولِ رَهْنًا فِي يَدَيْ الْمُرْتَهِنِ مَكَانَهُ. وَلَوْ كَانَ الِابْنُ مَرْهُونًا لِرَجُلٍ غَيْرِ مُرْتَهِنِ الْأَبِ بِيعَ الْأَبُ فَجُعِلَ ثَمَنُ الِابْنِ رَهْنًا مَكَانَهُ، وَلَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ عَفْوُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ قَوَدٌ قَطُّ إنَّمَا وَجَبَ فِي عِتْقِهِ مَالٌ فَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>