للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْنَا لَمْ نَعْلَمْ أَبَا بَكْرٍ، وَلَا عُمَرَ، وَلَا عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - قَضَوْا بِمَا رَوَيْتُمْ فِي التَّفْلِيسِ قُلْنَا، وَلَا رَوَيْتُمْ أَنَّهُمْ، وَلَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ قَالَ «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ» «، وَلَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا خَالَتِهَا»، وَلَا تَحْرِيمَ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ. قَالَ فَاكْتَفَيْنَا بِالْخَبَرِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذَا.

قُلْنَا فَفِيهِ الْكِفَايَةُ الْمُغْنِيَةُ عَمَّا سِوَاهَا وَمَا سِوَاهَا تَبَعٌ لَهَا لَا يَصْنَعُ مَعَهَا شَيْئًا إنْ وَافَقَهَا تَبَعُهَا، وَكَانَتْ بِهِ الْحَاجَةُ إلَيْهَا، وَإِنْ خَالَفَهَا تُرِكَ وَأُخِذَتْ السُّنَّةُ قَالَ وَهَكَذَا نَقُولُ. قُلْنَا: نَعَمْ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَا تَفِي بِذَلِكَ فِي التَّفْرِيعِ قَالَ فَإِنِّي لَمْ أَنْفَرِدْ بِمَا عِبْتَ عَلَيَّ قَدْ شَرِكَنِي فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ نَاحِيَتِك وَغَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بِأَحَادِيثَ وَرَدُّوا أُخْرَى. قُلْت: فَإِنْ كُنْتَ حَمِدْتَهُمْ عَلَى هَذَا فَأَشْرِكْهُمْ فِيهِ. قَالَ: إذَا يَلْزَمُنِي أَنْ أَكُونَ بِالْخِيَارِ فِي الْعِلْمِ. قُلْت: فَقُلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّك ذَمَمْتَ ذَلِكَ مِمَّنْ فَعَلَهُ فَانْتَقِلْ عَنْ مِثْلِ مَا ذَمَمْتَ، وَلَا تَجْعَلْ الْمَذْمُومَ حُجَّةً.

قَالَ: فَإِنِّي أَسْأَلُك عَنْ شَيْءٍ. قُلْت: فَسَلْ قَالَ كَيْفَ نَقَضْتَ الْمِلْكَ الصَّحِيحَ؟ قُلْت أَوَتَرَى لِلْمَسْأَلَةِ مَوْضِعًا فِيمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ لَا، وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ تُعَلِّمَنِي هَلْ تَجِدُ مِثْلَ هَذَا غَيْرَ هَذَا؟. قُلْت: نَعَمْ أَرَأَيْتَ دَارًا بِعْتهَا لَك فِيهَا شُفْعَةٌ أَلَيْسَ الْمُشْتَرِي مَالِكًا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَصَدَاقُهُ وَصَدَقَتُهُ فِيمَا ابْتَاعَ، وَيَجُوزُ لَهُ هَدْمُهُ وَبِنَاؤُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: فَإِذَا جَاءَ الَّذِي لَهُ الشُّفْعَةُ أَخَذَ ذَلِكَ مِمَّنْ هُوَ فِي يَدَيْهِ؟ قَالَ نَعَمْ قُلْت أَفَتَرَاك نَقَضْتَ الْمِلْكَ الصَّحِيحَ؟ قَالَ نَعَمْ، وَلَكِنِّي نَقَضْته بِالسُّنَّةِ وَقُلْت أَرَأَيْت الرَّجُلَ يُصْدِقُ الْمَرْأَةَ الْأَمَةَ فَيَدْفَعُهَا إلَيْهَا وَالْغَنَمَ فَتَلِدُ الْأَمَةُ وَالْغَنَمُ أَلَيْسَ إنْ مَاتَ الرَّجُلُ أَوْ الْمَرْأَةُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا كَانَ مَا أَصْدَقهَا لَهَا قَبْلَ مَوْتِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَكُونُ لَهَا عِتْقُ الْأَمَةِ وَبَيْعُهَا وَبَيْعُ الْمَاشِيَةِ وَهِيَ صَحِيحَةُ الْمِلْكِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ؟. قَالَ: بَلَى قُلْت: أَفَرَأَيْتَ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ تَفُوتُ فِي الْجَارِيَةِ، وَلَا الْغَنَمِ شَيْئًا وَهُوَ فِي يَدَيْهَا بِحَالِهِ؟. قَالَ: يُنْتَقَضُ الْمِلْكُ وَيَصِيرُ لَهُ نِصْفُ الْجَارِيَةِ وَالْغَنَمِ إنْ لَمْ يَكُنْ أَوْلَادٌ أَوْ نِصْفُ قِيمَتِهَا إنْ كَانَ لَهَا أَوْلَادٌ؛ لِأَنَّهُمْ حَدَثُوا فِي مِلْكِهَا قُلْنَا فَكَيْفَ نَقَضْتَ الْمِلْكَ الصَّحِيحَ؟ قَالَ بِالْكِتَابِ قُلْنَا فَمَا نَرَاك عِبْتَ فِي مَالِ الْمُفْلِسِ شَيْئًا إلَّا دَخَلَ عَلَيْك فِي الشُّفْعَةِ وَالصَّدَاقِ مِثْلُهُ أَوْ أَكْثَرُ. قَالَ: حُجَّتِي فِيهِ كِتَابٌ أَوْ سُنَّةٌ قُلْنَا: وَكَذَلِكَ حُجَّتُنَا فِي مَالِ الْمُفْلِسِ سُنَّةٌ فَكَيْفَ خَالَفْتهَا؟. قُلْت لِلشَّافِعِيِّ: فَإِنَّا نُوَافِقُك فِي مَالِ الْمُفْلِسِ إذَا كَانَ حَيًّا وَنُخَالِفُك فِيهِ إذَا مَاتَ وَحُجَّتُنَا فِيهِ حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ الَّذِي قَدْ سَمِعْتَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): قَدْ كَانَ فِيمَا قَرَأْنَا عَلَى مَالِكٍ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ وَلَمْ يَقْبِضْ الْبَائِعُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا فَوَجَدَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ فَإِنْ مَاتَ الْمُشْتَرِي فَصَاحِبُ السِّلْعَةِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ» فَقَالَ لِي فَلِمَ لَمْ تَأْخُذْ بِهَذَا؟ قُلْت: لِأَنَّهُ مُرْسَلٌ وَمَنْ خَالَفَنَا مِمَّنْ حَكَيْت قَوْلَهُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَيْسَ عِنْدِي لَهُ بِهِ عُذْرٌ يُخَالِفُهُ؛ لِأَنَّهُ رَدَّ الْحَدِيثَ، وَقَالَ فِيهِ قَوْلًا وَاحِدًا وَأَنْتُمْ أَثْبَتُّمْ الْحَدِيثَ فَلَمَّا صِرْتُمْ إلَى تَفْرِيعِهِ فَارَقْتُمُوهُ فِي بَعْضٍ وَوَافَقْتُمُوهُ فِي بَعْضٍ. فَقَالَ: فَلِمَ لَمْ تَأْخُذْ بِحَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ؟. فَقُلْت: الَّذِي أَخَذْتُ بِهِ أَوْلَى بِي مِنْ قِبَلِ أَنَّ مَا أَخَذْتُ بِهِ مَوْصُولٌ يَجْمَعُ فِيهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْإِفْلَاسِ وَحَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ مُنْقَطِعٌ لَوْ لَمْ يُخَالِفْهُ غَيْرُهُ لَمْ يَكُنْ مِمَّا يُثْبِتُهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي تَرْكِهِ حُجَّةٌ إلَّا هَذَا انْبَغَى لِمَنْ عَرَفَ الْحَدِيثَ تَرْكُهُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ مَعَ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَرْوِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثًا لَيْسَ فِيهِ مَا رَوَى ابْنُ شِهَابٍ عَنْهُ مُرْسَلًا إنْ كَانَ رَوَى كُلَّهُ فَلَا أَدْرِي عَمَّنْ رَوَاهُ، وَلَعَلَّهُ رَوَى أَوَّلَ الْحَدِيثِ، وَقَالَ بِرَأْيِهِ آخِرَهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَوْجُودٌ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ انْتَهَى بِالْقَوْلِ» فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ أَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ مَا زَادَ عَلَى هَذَا قَوْلًا مِنْ أَبِي بَكْرٍ لَا رِوَايَةً، وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا فِي سُنَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الرَّجُلَ يَبِيعُ السِّلْعَةَ مِنْ الرَّجُلِ فَيَكُونُ مَالِكًا لِلْمَبِيعِ يَجُوزُ لَهُ فِيهَا مَا يَجُوزُ لِذِي الْمَالِ فِي الْمَالِ مِنْ وَطْءِ أَمَةٍ وَبَيْعِهَا وَعِتْقِهَا، وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ

<<  <  ج: ص:  >  >>