قَضَاءً (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَ مُسَافِرًا فَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِي يَوْمِ سَفَرِهِ نِيَّةٌ فِي أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَأَخَّرَ الظُّهْرَ ذَاكِرًا لَا يُرِيدُ بِهَا الْجَمْعَ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الْعَصْرِ كَانَ عَاصِيًا بِتَأْخِيرِهَا لَا يُرِيدُ الْجَمْعَ بِهَا؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَهَا إنَّمَا كَانَ لَهُ عَلَى إرَادَةِ الْجَمْعِ فَيَكُونُ ذَلِكَ وَقْتًا لَهَا فَإِذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الْجَمْعَ كَانَ تَأْخِيرُهَا وَصَلَاتُهَا تُمْكِنُهُ مَعْصِيَةً وَصَلَاتُهَا قَضَاءً وَالْعَصْرُ فِي وَقْتِهَا وَأَجْزَأَتَا عَنْهُ وَأَخَافُ الْمَأْثَمَ عَلَيْهِ فِي تَأْخِيرِ الظُّهْرِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ وَلَا يَنْوِي أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَصْرِ فَلَمَّا أَكْمَلَ الظُّهْرَ، أَوْ كَانَ وَقْتُهَا كَانَتْ لَهُ نِيَّةٌ فِي أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا كَانَ ذَلِكَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَنْوِيَ ذَلِكَ عَلَى الِابْتِدَاءِ كَانَ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ فِيهِ نِيَّةً فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَجُوزُ لَهُ فِيهِ الْجَمْعُ وَلَوْ انْصَرَفَ مِنْ الظُّهْرِ وَانْصِرَافُهُ أَنْ يُسَلِّمَ وَلَمْ يَنْوِ قَبْلَهَا وَلَا مَعَ انْصِرَافِهِ الْجَمْعَ ثُمَّ أَرَادَ الْجَمْعَ لَمْ يَكُنْ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ لَهُ إذَا انْصَرَفَ جَامَعَ وَإِنَّمَا يُقَالُ هُوَ مُصَلٍّ صَلَاةَ انْفِرَادٍ فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةً قَبْلَ وَقْتِهَا إلَّا صَلَاةَ جَمْعٍ لَا صَلَاةَ انْفِرَادٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَ أَخَّرَ الظُّهْرَ بِلَا نِيَّةِ جَمْعٍ وَانْصَرَفَ مِنْهَا فِي وَقْتِ الْعَصْرِ كَانَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْعَصْرَ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ صُلِّيَتْ صَلَاةَ انْفِرَادٍ فَإِنَّمَا صُلِّيَتْ فِي وَقْتِهَا لَا فِي وَقْتٍ غَيْرِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَّرَ الظُّهْرَ عَامِدًا لَا يُرِيدُ بِهَا الْجَمْعَ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ فَهُوَ آثِمٌ فِي تَأْخِيرِهَا عَامِدًا وَلَا يُرِيدُ بِهَا الْجَمْعَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا صُلِّيَتْ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ وَوَالَى بَيْنَهُمَا قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَ مَقَامَهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ وَقَبْلَ أَنْ يَقْطَعَ بَيْنَهُمَا بِصَلَاةٍ فَإِنْ فَارَقَ مَقَامَهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ، أَوْ قَطَعَ بَيْنَهُمَا بِصَلَاةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ أَبَدًا: جَامِعٌ إلَّا أَنْ يَكُونَا مُتَوَالِيَيْنِ لَا عَمَلَ بَيْنَهُمَا وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ تَكَلَّمَا كَلَامًا كَثِيرًا كَانَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ.
وَإِنْ طَالَ ذَلِكَ بِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْجَمْعُ وَإِذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي وَقْتِ الْآخِرَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي وَقْتِ الْأُولَى وَيَنْصَرِفَ وَيَصْنَعَ مَا بَدَا لَهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُصَلِّي الْآخِرَةَ فِي وَقْتِهَا وَقَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ أَنَّ بَعْضَ مَنْ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِجَمْعٍ صَلَّى مَعَهُ الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَنَاخَ بَعْضُهُمْ أَبَاعِرَهُمْ فِي مَنَازِلِهِمْ، ثُمَّ صَلَّوْا الْعِشَاءَ فِيمَا يُرَى حَيْثُ صَلَّوْا وَإِنَّمَا صَلَّوْا الْعِشَاءَ فِي وَقْتِهَا (قَالَ الشَّافِعِيّ) فَالْقَوْلُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ كَالْقَوْلِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ لَا يَخْتَلِفَانِ فِي شَيْءٍ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ نَوَى أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الظُّهْرِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْعَصْرَ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُهَا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ جَامِعٍ بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ لَوْ نَامَ، أَوْ سَهَا، أَوْ شُغِلَ، أَوْ قَطَعَ ذَلِكَ بِأَمْرٍ يَتَطَاوَلُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَجِمَاعُ هَذَا أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْحَالِ الَّتِي لَوْ سَهَا فِيهَا فِي الصَّلَاةِ فَانْصَرَفَ قَبْلَ إكْمَالِهَا هَلْ يَبْنِي لِتَقَارُبِ انْصِرَافِهِ فَلَهُ إذَا صَنَعَ مِثْلَ ذَلِكَ أَنْ يَجْمَعَ وَإِذَا سَهَا فَانْصَرَفَ فَتَطَاوَلَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ فَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ فِي وَقْتِ ذَلِكَ إنْ كَانَ فِي مَسْجِدٍ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْهُ يُطِيلُ الْمَقَامَ قَبْلَ تَوَجُّهِهِ إلَى الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعِ مُصَلَّاهُ لَا يُزَايِلُهُ وَلَا يُطِيلُ قَبْلَ أَنْ يَعُودَ إلَى الصَّلَاةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute