وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَلْتَفِتُ إذَا صَلَّى فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ الْحِسَّ مِنْ وَرَائِهِ عَرَفَ أَنَّهُ لَا يَتَقَدَّمُ ذَلِكَ الْمَقَامَ الْمُقَدَّمَ إلَّا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخَنَسَ وَرَاءَهُ إلَى الصَّفِّ فَرَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَانَهُ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى جَنْبِهِ وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمٌ حَتَّى إذَا فَرَغَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ أَيْ رَسُولُ اللَّهِ أَرَاك أَصْبَحْت صَالِحًا وَهَذَا يَوْمُ بِنْتِ خَارِجَةَ فَرَجَعَ أَبُو بَكْرٍ إلَى أَهْلِهِ فَمَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَانَهُ وَجَلَسَ إلَى جَنْبِ الْحِجْرِ يُحَذِّرُ النَّاسَ الْفِتَنَ وَقَالَ إنِّي وَاَللَّهِ لَا يُمْسِكُ النَّاسُ عَلَيَّ شَيْئًا إنِّي وَاَللَّهِ لَا أُحِلُّ إلَّا مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَلَا أُحَرِّمُ إلَّا مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ يَا فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ وَصَفِيَّةُ عَمَّةُ رَسُولِ اللَّهِ اعْمَلَا لِمَا عِنْدَ اللَّهِ فَإِنِّي لَا أُغْنِي عَنْكُمَا مِنْ اللَّهِ شَيْئًا»
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَيُصَلِّي الْإِمَامُ قَاعِدًا وَمَنْ خَلْفَهُ قِيَامًا إذَا أَطَاقُوا الْقِيَامَ وَلَا يَجْزِي مَنْ أَطَاقَ الْقِيَامَ أَنْ يُصَلِّيَ إلَّا قَائِمًا وَكَذَلِكَ إذَا أَطَاقَ الْإِمَامُ الْقِيَامَ صَلَّى قَائِمًا وَمَنْ لَمْ يُطِقْ الْقِيَامَ مِمَّنْ خَلْفَهُ صَلَّى قَاعِدًا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَكَذَا كُلُّ حَالٍ قَدَرَ الْمُصَلِّي فِيهَا عَلَى تَأْدِيَةِ فَرْضِ الصَّلَاةِ كَمَا فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ صَلَّاهَا وَصَلَّى مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ كَمَا يُطِيقُ
فَإِنْ لَمْ يُطِقْ الْمُصَلِّي الْقُعُودَ وَأَطَاقَ أَنْ يُصَلِّيَ مُضْطَجِعًا صَلَّى مُضْطَجِعًا وَإِنْ لَمْ يُطِقْ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ صَلَّى مُومِئًا وَجَعَلَ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنْ إيمَاءِ الرُّكُوعِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِذَا كَانَ بِظَهْرِهِ مَرَضٌ لَا يَمْنَعُهُ الْقِيَامَ وَيَمْنَعُهُ الرُّكُوعَ لَمْ يُجْزِهِ إلَّا أَنْ يَقُومَ وَأَجْزَأَهُ أَنْ يَنْحَنِيَ كَمَا يَقْدِرُ فِي الرُّكُوعِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ بِظَهْرِهِ حَتَّى رَقَبَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بِأَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى شَيْءٍ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ مُسْتَوِيًا، أَوْ فِي شِقٍّ، ثُمَّ رَكَعَ ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ سَجَدَ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى السُّجُودِ جَلَسَ أَوْمَأَ إيمَاءً
وَإِنْ قَدَرَ عَلَى السُّجُودِ عَلَى صُدْغِهِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ عَلَى جَبْهَتِهِ طَأْطَأَ رَأْسَهُ وَلَوْ فِي شِقٍّ، ثُمَّ سَجَدَ عَلَى صُدْغِهِ وَكَانَ أَقْرَبُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ السُّجُودِ مُسْتَوِيًا، أَوْ عَلَى أَيِّ شِقَّيْهِ كَانَ لَا يُجْزِيهِ أَنْ يُطِيقَ أَنْ يُقَارِبَ السُّجُودَ بِحَالٍ إلَّا قَارَبَهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا يَرْفَعُ إلَى جَبْهَتِهِ شَيْئًا لِيَسْجُدَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ لَهُ سَاجِدٌ حَتَّى يَسْجُدَ بِمَا يَلْصَقُ بِالْأَرْضِ فَإِنْ وَضَعَ وِسَادَةً عَلَى الْأَرْضِ فَسَجَدَ عَلَيْهَا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنْ يُونُسَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ: رَأَيْت أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَسْجُدُ عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ مِنْ رَمَدٍ بِهَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ):
وَلَوْ سَجَدَ الصَّحِيحُ عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمَ لَاصِقَةٍ بِالْأَرْضِ كَرِهْتُهُ لَهُ وَلَمْ أَرَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ كَمَا لَوْ سَجَدَ عَلَى رَبْوَةٍ مِنْ الْأَرْضِ أَرْفَعَ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَقُومُ عَلَيْهِ لَمْ يُعِدْ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ قَدَرَ الْمُصَلِّي عَلَى الرُّكُوعِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِيَامِ كَانَ فِي قِيَامِهِ رَاكِعًا وَإِذَا رَكَعَ خَفَضَ عَنْ قَدْرِ قِيَامِهِ ثُمَّ يَسْجُدُ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يُصَلِّيَ إلَّا مُسْتَلْقِيًا صَلَّى مُسْتَلْقِيًا يُومِئُ إيمَاءً (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكُلُّ حَالٍ أَمَرْتُهُ فِيهَا أَنْ يُصَلِّيَ كَمَا يُطِيقُ فَإِذَا أَصَابَهَا بِبَعْضِ الْمَشَقَّةِ الْمُحْتَمَلَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ إلَّا كَمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ إذَا أَطَاقَ الْقِيَامَ بِبَعْضِ الْمَشَقَّةِ قَامَ فَأَتَى بِبَعْضِ مَا عَلَيْهِ فِي الْقِيَامِ مِنْ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ وَأُحِبُّ أَنْ يَزِيدَ مَعَهَا شَيْئًا وَإِنَّمَا آمُرُهُ بِالْقُعُودِ إذَا كَانَتْ الْمَشَقَّةُ عَلَيْهِ غَيْرَ مُحْتَمَلَةٍ، أَوْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ بِحَالٍ وَهَكَذَا هَذَا فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لَا يَخْتَلِفُ وَلَوْ أَطَاقَ أَنْ يَأْتِيَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَأُمِّ الْقُرْآنِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى وَإِنَّا أَعْطَيْنَاك الْكَوْثَرَ مُنْفَرِدًا قَائِمًا وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ لَا يَقْرَأُ بِأَطْوَلَ مِمَّا وَصَفْت إلَّا جَالِسًا، أَمَرْتُهُ أَنْ يُصَلِّيَ مُنْفَرِدًا وَكَانَ لَهُ عُذْرٌ بِالْمَرَضِ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ
وَلَوْ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ فَقَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ فِي بَعْضٍ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فِي بَعْضٍ صَلَّى قَائِمًا مَا قَدَرَ وَقَاعِدًا مَا لَمْ يَقْدِرْ وَلَيْسَتْ عَلَيْهِ إعَادَةٌ
وَلَوْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ قَائِمًا ثُمَّ عَرَضَ لَهُ عُذْرٌ جَلَسَ فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ لَمْ يُجْزِهِ إلَّا أَنْ يَقُومَ فَإِنْ كَانَ قَرَأَ بِمَا يُجْزِيهِ جَالِسًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إذَا قَامَ أَنْ يُعِيدَ قِرَاءَةً وَإِنْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ قِرَاءَتِهِ شَيْءٌ قَرَأَ بِمَا بَقِيَ مِنْهَا قَائِمًا، كَأَنْ قَرَأَ بَعْضَ أُمِّ الْقُرْآنِ جَالِسًا، ثُمَّ بَرِئَ فَلَا يُجْزِيهِ أَنْ يَقْرَأَ جَالِسًا وَعَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ مَا بَقِيَ قَائِمًا وَلَوْ قَرَأَهُ نَاهِضًا فِي الْقِيَامِ لَمْ