للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الزَّرْعِ، أَوْ كَثُرَ، وَإِنْ تَكَارَاهَا وَالْمَاءُ قَائِمٌ عَلَيْهَا، وَقَدْ يَنْحَسِرُ لَا مَحَالَةَ فِي وَقْتٍ يُمْكِنُ فِيهِ الزَّرْعُ فَالْكِرَاءُ فِيهِ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَنْحَسِرُ، وَلَا يَنْحَسِرُ كَرِهْت الْكِرَاءَ إلَّا بَعْدَ انْحِسَارِهِ وَكُلُّ شَيْءٍ أَجَزْت كِرَاءَهُ أَوْ بَيْعَهُ أَجَزْت النَّقْدَ فِيهِ، وَإِنْ تَكَارَى الرَّجُلُ لِلزَّرْعِ فَزَرَعَهَا أَوْ لَمْ يَزْرَعْهَا حَتَّى جَاءَ عَلَيْهَا النِّيلُ، أَوْ زَادَ، أَوْ أَصَابَهَا شَيْءٌ يُذْهِبُ الْأَرْضَ انْتَقَضَ الْكِرَاءُ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَرَبِّ الْأَرْضِ مِنْ يَوْمِ تَلِفَتْ الْأَرْضُ، وَلَوْ كَانَ بَعْضُ الْأَرْضِ تَلِفَ وَبَعْضٌ لَمْ يَتْلَفْ، وَلَمْ يَزْرَعْ فَرَبُّ الزَّرْعِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ مَا بَقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْكِرَاءِ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَمْ تَسْلَمْ لَهُ كُلَّهَا، وَإِنْ كَانَ زَرَعَ أُبْطِلُ عَنْهُ مَا تَلِفَ وَلَزِمَتْهُ حِصَّةُ مَا زَرَعَ مِنْ الْكِرَاءِ وَهَكَذَا كِرَاءُ الدُّورِ وَأَثْمَانُ الْمَتَاعِ وَالطَّعَامِ إذَا جَمَعَتْ الصَّفْقَةُ مِنْهُ مِائَةَ صَاعٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَتَلِفَ خَمْسُونَ صَاعًا فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فِي أَنْ يَأْخُذَ الْخَمْسِينَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ أَوْ يَرُدَّ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْلَمْ لَهُ كُلُّهُ كَمَا اشْتَرَى

(قَالَ الشَّافِعِيُّ):، وَإِذَا اكْتَرَى الرَّجُلُ الْأَرْضَ مِنْ الرَّجُلِ بِالْكِرَاءِ الصَّحِيحِ ثُمَّ أَصَابَهَا غَرَقٌ مَنَعَهُ الزَّرْعَ، أَوْ ذَهَبَ بِهَا سَيْلٌ أَوْ غَصَبَهَا فَحِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا سَقَطَ عَنْهُ الْكِرَاءُ مِنْ يَوْمِ أَصَابَهَا ذَلِكَ وَهِيَ مِثْلُ الدَّارِ يَكْتَرِيهَا سَنَةً وَيَقْبِضُهَا فَتُهْدَمُ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ، أَوْ آخِرِهَا وَالْعَبْدُ يَسْتَأْجِرُهُ السَّنَةَ فَيَمُوتُ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ أَوْ آخِرِهَا فَيَكُونُ عَلَيْهِ مِنْ الْإِجَارَةِ بِقَدْرِ مَا سَكَنَ وَاسْتَخْدَمَ وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا بَقِيَ، وَإِنْ أَكْرَاهُ أَرْضًا بَيْضَاءَ يَصْنَعُ فِيهَا مَا شَاءَ، أَوْ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ اكْتَرَاهَا لِلزَّرْعِ ثُمَّ انْحَسَرَ الْمَاءُ عَنْهَا فِي أَيَّامٍ لَا يُدْرِكُ فِيهَا زَرْعًا فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ مَا بَقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْكِرَاءِ، أَوْ يَرُدَّهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ انْتَقَصَ مِمَّا اكْتَرَى، وَكَذَلِكَ إنْ اكْتَرَاهَا لِلزَّرْعِ وَكِرَاؤُهَا لِلزَّرْعِ أَبْيَنُ فِي أَنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا إنْ شَاءَ، وَإِنْ كَانَ مَرَّ بِهَا مَاءٌ فَأَفْسَدَ زَرْعَهُ، أَوْ أَصَابَهُ حَرِيقٌ، أَوْ ضَرِيبٌ أَوْ جَرَادٌ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَهَذَا كُلُّهُ جَائِحَةٌ عَلَى الزَّرْعِ لَا عَلَى الْأَرْضِ فَالْكِرَاءُ لَهُ لَازِمٌ فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُجَدِّدَ زَرْعًا جَدَّدَهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ يُمْكِنُهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فَهَذَا شَيْءٌ أُصِيبَ بِهِ فِي زَرْعِهِ لَمْ تُصَبْ بِهِ الْأَرْضُ فَالْكِرَاءُ لَهُ لَازِمٌ، وَهَذَا مُفَارِقٌ لِلْجَائِحَةِ فِي الثَّمَرَةِ يَشْتَرِيهَا الرَّجُلُ فَتُصِيبُهَا الْجَائِحَةُ فِي يَدَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُمْكِنَهُ جِدَادُهَا، وَمَنْ وَضَعَ الْجَائِحَةَ ثُمَّ انْبَغَى أَنْ لَا يَضَعَهَا هَهُنَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إذَا كَانَتَا جَائِحَتَيْنِ فَمَا بَالُ إحْدَاهُمَا تُوضَعُ وَالْأُخْرَى لَا تُوضَعُ، فَإِنَّ مَنْ وَضَعَ الْجَائِحَةَ الْأُولَى فَإِنَّمَا يَضَعُهَا بِالْخَبَرِ، وَبِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا فِي شِرَاءِ الثَّمَرَةِ إذَا بَدَا صَلَاحُهَا وَتَرَكَهَا حَتَّى تُجَدَّ فَإِنَّمَا يُنْزِلُهَا بِمَنْزِلَةِ الْكِرَاءِ الَّذِي يَقْبِضُ بِهِ الدَّارَ ثُمَّ تَمُرُّ بِهِ أَشْهُرٌ ثُمَّ تَتْلَفُ الدَّارُ فَيَسْقُطُ عَنْهُ الْكِرَاءُ مِنْ يَوْمِ تَلِفَتْ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَيْنَ الَّتِي اكْتَرَى وَاشْتَرَى تَلِفَتْ وَكَانَ الشِّرَاءُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ إنَّمَا يَتِمُّ بِسَلَامَتِهِ إلَى أَنْ يُجَدَّ وَالْمُكْتَرِي الْأَرْضَ لَمْ يَشْتَرِ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ زَرْعًا إنَّمَا اكْتَرَى أَرْضًا.

أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا فَلَمْ يَزْرَعْهَا حَتَّى تَمْضِيَ السَّنَةُ كَانَ عَلَيْهِ كِرَاؤُهَا، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَزْرَعَهَا بِشَيْءٍ يُقِيمُ تَحْتَ الْأَرْضِ حَتَّى لَوْ مَرَّ بِهِ سَيْلٌ لَمْ يَنْزِعْهُ كَانَ ذَلِكَ لَهُ؟، وَلَوْ تَكَارَاهَا حَتَّى إذَا اسْتَحْصَدَتْ فَأَصَابَ الْأَرْضَ حَرِيقٌ فَاحْتَرَقَ الزَّرْعُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ بِشَيْءٍ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَمْ يَتْلَفْ شَيْءٌ كَانَ أَعْطَاهُ إيَّاهُ إنَّمَا تَلِفَ شَيْءٌ يَضَعُهُ الزَّارِعُ مِنْ مَالِهِ كَمَا لَوْ تَكَارَى مِنْهُ دَارًا لِلْبُرِّ فَاحْتَرَقَ الْبُرُّ، وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ وَبَقِيَتْ الدَّارُ سَالِمَةً لَمْ يُنْتَقَصْ سَكَنُهَا كَانَ الْكِرَاءُ لَهُ لَازِمًا، وَلَمْ يَكُنْ احْتِرَاقُ الْمَتَاعِ مِنْ مَعْنَى الدَّارِ بِسَبِيلٍ.

وَإِذَا تَكَارَى الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ الْأَرْضَ سَنَةً مُسَمَّاةً أَوْ سَنَتَهُ هَذِهِ فَزَرَعَهَا وَحَصَدَ وَبَقِيَ مِنْ سَنَتِهِ هَذِهِ شَهْرٌ، أَوْ أَكْثَرُ أَوْ أَقَلُّ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ يَدِهِ حَتَّى تَكْمُلَ سَنَتُهُ، وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَ الْكِرَاءِ إلَّا بِاسْتِيفَاءِ الْمُكْتَرِي جَمِيعَ السَّنَةِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأَرْضُ أَرْضَ الْمَطَرِ، أَوْ أَرْضَ السَّقْيِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِيهَا مَنَافِعُ مِنْ زَرْعٍ وَعَثَرِيٍّ وَسَيْلٍ وَمَطَرٍ، وَلَا يُؤَيِّسُ مِنْ الْمَطَرِ عَلَى حَالٍ وَلِمَنَافِعَ سِوَى هَذَا لَا يَمْنَعُهَا الْمُكْتَرِي، وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>