بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَتْ النَّخْلَةُ بِعَيْنِهَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَسَوَاءٌ فِي هَذَا كَثُرَ الْكِرَاءُ فِي الْأَرْضِ، أَوْ الدَّارِ وَقَلَّتْ الثَّمَرَةُ، أَوْ كَثُرَتْ، أَوْ قَلَّ الْكِرَاءُ كَمَا كَانَ لَا يَحِلُّ أَنْ تُبَاعَ ثَمَرَةُ نَخْلَةٍ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا وَكَانَ هَذَا فِيهَا مُحَرَّمًا كَمَا هُوَ فِي أَلْفِ نَخْلَةٍ، وَكَذَلِكَ إذَا وَقَعَتْ الصَّفْقَةُ عَلَى بَيْعِهِ قَبْلَ يَبْدُو صَلَاحُهُ بِحَالٍ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَحْرُمُ كَثِيرًا يَحْرُمُ قَلِيلًا وَسَوَاءٌ كَانَتْ النَّخْلَةُ صِنْوَانَا وَاحِدًا فِي الْأَرْضِ أَوْ مُجْتَمِعَةً فِي نَاحِيَةٍ، أَوْ مُتَفَرِّقَةً
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا تَكَارَى الرَّجُلُ الدَّارَ، أَوْ الْأَرْضَ إلَى سَنَةٍ كِرَاءً فَاسِدًا فَلَمْ يَزْرَعْ الْأَرْضَ، وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا، وَلَمْ يَسْكُنْ الدَّارَ، وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا إلَّا أَنَّهُ قَدْ قَبَضَهَا عِنْدَ الْكِرَاءِ وَمَضَتْ السَّنَةُ لَزِمَهُ كِرَاءُ مِثْلِهَا كَمَا كَانَ يَلْزَمُهُ إنْ انْتَفَعَ بِهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ الْكِرَاءَ لَوْ كَانَ صَحِيحًا فَلَمْ يَنْتَفِعْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَتَّى تَمْضِيَ سَنَةٌ لَزِمَهُ الْكِرَاءُ كُلُّهُ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ قَبَضَهُ وَسَلِمَتْ لَهُ مَنْفَعَتُهُ فَتَرَكَ حَقَّهُ فِيهَا فَلَا يُسْقِطُ ذَلِكَ حَقَّ رَبِّ الدَّارِ عَلَيْهِ فَلَمَّا كَانَ الْكِرَاءُ الْفَاسِدُ إذَا انْتَفَعَ بِهِ الْمُكْتَرِي يُرَدُّ إلَى كِرَاءِ مِثْلِهِ كَانَ حُكْمُ كِرَاءِ مِثْلِهِ فِي الْفَاسِدِ كَحُكْمِ الْكِرَاءِ الصَّحِيحِ، وَإِذَا تَكَارَى الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ الدَّارَ سَنَةً فَقَبَضَهَا الْمُكْتَرِي ثُمَّ غَصَبَهُ إيَّاهَا مَنْ لَا يَقْوَى عَلَيْهِ سُلْطَانٌ، أَوْ مَنْ يَرَى أَنَّهُ يَقْوَى عَلَيْهِ سُلْطَانٌ فَسَوَاءٌ لَا كِرَاءَ عَلَيْهِ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَوْ أَرَادَ الْمُكْتَرِي أَنْ يَكُونَ خَصْمًا لِلْغَاصِبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ خَصْمًا إلَّا بِوَكَالَةٍ مِنْ رَبِّ الدَّارِ وَذَلِكَ أَنَّ الْخُصُومَةَ لِلْغَاصِبِ إنَّمَا تَكُونُ فِي رَقَبَةِ الدَّارِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَصْمًا فِي الدَّارِ إلَّا رَبُّ الدَّارِ، أَوْ وَكِيلٌ لِرَبِّ الدَّارِ وَالْكِرَاءُ لَا يُسَلَّمُ لِلْمُكْتَرِي إلَّا بِأَنْ يَكُونَ الْمُكْرِي مَالِكًا لِلدَّارِ وَالْمُكْتَرِي لَمْ يَكْتَرِ عَلَى أَنْ يَكُونَ خَصْمًا لَوْ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا لَهُ، أَرَأَيْت لَوْ خَاصَمَهُ فِيهَا سَنَةً فَلَمْ يَتَبَيَّنْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا أَتَجْعَلُ عَلَى الْمُكْتَرِي كِرَاءً، وَلَمْ يُسَلَّمْ لَهُ أَمْ تَجْعَلُ لِلْمُخَاصِمِ إجَارَةً عَلَى رَبِّ الدَّارِ فِي عَمَلِهِ، وَلَمْ يُوَكِّلْهُ؟ أَوْ رَأَيْت لَوْ أَقَرَّ رَبُّ الدَّارِ بِأَنَّهُ كَانَ غَصَبَهَا مِنْ الْغَاصِبِ، أَلَا يَبْطُلُ الْكِرَاءُ؟ أَوْ رَأَيْت لَوْ أَقَرَّ الْمُتَكَارِي أَنَّ رَبَّ الدَّارِ غَصَبَهَا مِنْ الْغَاصِبِ أَيُقْضَى عَلَى رَبِّ الدَّارِ أَنَّهُ غَاصِبٌ بِإِقْرَارِ غَيْرِ مَالِكٍ، وَلَا وَكِيلٍ؟ فَهَلْ يَعْدُو الْمُكْتَرِي إذَا قَبَضَ الدَّارَ ثُمَّ غُصِبَتْ أَنْ يَكُونَ الْغَصْبُ عَلَى رَبِّ الدَّارِ، وَلَمْ تَسْلَمْ لِلْمُكْتَرِي الْمَنْفَعَةُ بِلَا مُؤْنَةٍ عَلَيْهِ كَمَا اكْتَرَى؟ فَإِنْ كَانَ هَذَا هَكَذَا فَسَوَاءٌ غَصَبَهَا مَنْ لَا يَقْوَى عَلَيْهِ سُلْطَانٌ، أَوْ مَنْ يَقْوَى عَلَيْهِ سُلْطَانٌ، وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ كِرَاءٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَسْلَمْ لَهُ الْمَنْفَعَةُ أَوْ يَكُونُ الْغَصْبُ عَلَى الْمُكْتَرِي دُونَ رَبِّ الدَّارِ وَيَكُونُ ذَلِكَ شَيْئًا أُصِيبَ بِهِ الْمُكْتَرِي كَمَا يُصَابُ مَالُهُ فَيُلْزِمُهُ الْكِرَاءُ غَصْبَهَا إيَّاهُ مَنْ يَقْوَى عَلَيْهِ السُّلْطَانُ، أَوْ مَنْ لَا يَقْوَى عَلَيْهِ.
وَإِذَا ابْتَاعَ الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ الْعَبْدَ وَدَفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ، أَوْ لَمْ يَدْفَعْهُ وَافْتَرَقَا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ لَمْ يَحُلْ الْبَائِعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ كَانَ حَاضِرًا عِنْدَهُمَا قَبْلَ الْبَيْعِ وَبَعْدَهُ حَتَّى تُوُفِّيَ الْعَبْدُ فَالْعَبْدُ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ لَا مِنْ مَالِ الْمُبْتَاعِ، وَإِنْ حَدَثَ بِالْعَبْدِ عَيْبٌ كَانَ الْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَقْبِضَ الْعَبْدَ أَوْ يَرُدَّهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَاهُ وَقَبَضَهُ كَانَ الثَّمَنُ دَارًا، أَوْ عَبْدًا، أَوْ ذَهَبًا بِأَعْيَانِهَا، أَوْ عَرَضًا مِنْ الْعُرُوضِ فَتَلِفَ الَّذِي ابْتَاعَ بِهِ الْعَبْدَ مِمَّا وَصَفْنَا فِي يَدَيْ مُشْتَرِي الْعَبْدِ كَانَ الْبَيْعُ مُنْتَقَضًا وَكَانَ مِنْ مَالِ مَالِكِهِ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَدْ هَلَكَ هَذَا الْعَبْدُ، وَهَذَا الْعَرَضُ ثُمَّ لَمْ يُحْدِثْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا حَوْلًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مِلْكِهِ إيَّاهُ فَكَيْفَ يَكُونُ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ حَتَّى يُسَلِّمَهُ لِلْمُبْتَاعِ؟ فَقِيلَ لَهُ بِالْأَمْرِ الْبَيِّنِ مِمَّا لَا يَخْتَلِفُ النَّاسُ فِيهِ مِنْ أَنَّ مَنْ كَانَ بِيَدِهِ مِلْكٌ لِرَجُلٍ مَضْمُونًا عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَهُ إلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ عَلَيْهِ أَوْ حَقٍّ لَزِمَهُ مِنْ وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ أَرْشُ جِنَايَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا، أَوْ غَصْبٍ، أَوْ أَيِّ شَيْءٍ مَا كَانَ فَأَحْضَرَهُ لِيَدْفَعَ إلَى مَالِكِهِ حَقَّهُ فِيهِ عَرَضًا بِعَيْنِهِ أَوْ غَيْرِ عَيْنِهِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ لَمْ يَبْرَأْ بِهَلَاكِهِ فِي يَدِهِ، وَإِنْ لَمْ يَحُلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِهِ وَكَانَ ضَمَانُهُ مِنْهُ حَتَّى يُسَلِّمَهُ إلَيْهِ، وَلَوْ أَقَامَا بَعْدَ إحْضَارِهِ إيَّاهُ فِي مَكَان وَاحِدٍ يَوْمًا وَاحِدًا، أَوْ سَنَةً، أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْحَوْلِ بِغَيْرِ الدَّفْعِ لَا يُخْرِجُ مَنْ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute