للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثامنًا: صور ضوابط تقدير أجرة المثل للناظر:

عرَّف الفقهاء أجرة المثل بأنها: "الأجرة التي قدَّرتها أهل الخبرة السالمين عن الغرض" (١)؛ ولا بدَّ للقاضي أن يجتهد في مقدار أجرة المثل في كل واقعة بحسبها؛ لوجود عوامل عدة تؤثر في مقدار هذه الأجرة، كاختلاف الزمان والمكان والعملة، ولذا فلا يمكن تحديد أجرة الناظر بنسبة ثابتة دائمًا كالعشر مثلًا، ويمكن أن يتحقَّق القاضي من مقدار الأجرة عن طريق الاستعانة بأهل الخبرة.

وذكر صاحب درر الحكام صورًا أربع يمكن من خلالها تعيين أجرة المثل؛ وهي (٢):

[الصورة الأولى: تعيينه بتقدير أرباب الخبرة الخالين عن الغرض]

وكيفية ذلك أن ينتخب اثنان، مثلًا: من أهل الخبرة الخالين عن الغرض فيقدران الأجرة التي يستحقها مثيل ذلك المال، أو ذلك الرجل في عمله مع المدة الذي استؤجر فيها.

ولما كانت إجارة المنفعة تزاد على الأعيان أيضًا ينبغي أن ينظر في تقدير أجر المثل إلى شيئين:

(١) إلى المنفعة المعادلة لمنفعة المأجور.

(٢) إلى زمان الإجارة ومكانها.

وكذلك يلزم إذا كانت الإجارة واردة على العمل أن ينظر إلى شيئين:

(١) إلى شخص مماثل للأجير في ذلك العمل.

(٢) إلى زمان الإجارة ومكانها؛ لأن الأجرة تختلف باختلاف الأعمال والأزمنة والأماكن.

ويعين أجر المثل من جنس الدراهم والدنانير لا من جنس الأجر المسمي ... هذا إذا اتفق أهل الخبرة على مقدار أجر المثل، أما إذا اختلفوا وقدروا تقديرًا متفاوتًا فيؤخذ وسط ما قدروه، كما لو قدر بعضهم أجر المثل اثني عشر قرشًا، وبعضهم قدره عشرة، وبعضهم أحد عشر؛ فحق الأجير حينئذ أحد عشر.


(١) مجلة الأحكام المادة (٤١٤)، ١/ ٨٠.
(٢) انظر: درر الحكام شرح مجلة الأحكام، ١/ ٤٤٦ - ٤٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>