للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا الأساس يكون الوقف من زمرة الصدقات الأكثر أجرًا؛ لأن الموقوف محبوس على ما قُصد له، فثوابه مستمر لواقفه حيًّا وميتًا إلى يوم الميعاد.

ومن الأدلة على تحصيل الأجر الكثير حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من احتبس فرسًا في سبيل الله إيمانًا واحتسابًا؛ فإنّ شبعه وروثه وبوله في ميزانه يوم القيامة حسنات" (١).

ثانيًا: صلة الأرحام وبر الأحباب:

الوقف على ذوي الأرحام والأحباب يحقق للإنسان ما يشعر به من لزوم الإحسان إلى ذويه أو فئات معينة من المجتمع، بطريقة برّ صحيحة، تعود عليه بالنفع في آخرته، وتتيح له فرصة تنفيذ ما يرغب فيه من البر وإيصال الخير.

فقد أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ابن عمر رضي الله عنهما: "أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أصاب أرضًا بخَيْبَرَ (٢)، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله إنِّي أصَبْتُ أرضًا بخَيْبَرَ لم أُصِبْ مالًا قط هو أنفس عندي منه، فما تأمرني به؟ قال: "إن شئتَ حبستَ أصلها وتصدّقتَ بها قال: فتصدّق بها عمر؛ أنه لا يباع أصلها ولا يُبتاع، ولا يورث، ولا يوهب، قال: فتصدّق عمر في الفقراء، وفي القربى، وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل والضعيف، لا جناح على متوليها أن يأكل منها بالمعروف، أو يُطعم صديقًا غير متموّل فيه (٣) " (٤)، قال النووي في تعليقه على الحديث: "فيه فضيلة صلة الأرحام والوقف عليهم" (٥).


(١) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب من احتبس فرسًا؛ لقوله تعالى: (من رباط الخيل)، حديث رقم ٢٦٩٨.
(٢) هذه الأرض يقال لها: "ثمغ" بفتح المثلثة وسكون الميم بعدها معجمة، وقد ورد التصريح باسمها في رواية البخاري، كما في صحيحه، في الحديث رقم ٢٧٦٤.
(٣) غير متمول: غير متخذ منها مالًا: أي ملكًا، والمراد أنه لا يتملك شيئًا من رقابها. انظر: نيل الأوطار، محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني ٦/ ٢٧.
(٤) صحيح البخاري في كتاب الشروط، باب الشروط في الوقف، حديث رقم ٢٧٣٧، وصحيح مسلم في كتاب الوصية، باب الوقف، حديث رقم ١٦٣٢، واللفظ له.
(٥) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي، ١١/ ٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>