للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعند الإمامية لا يحلّ وقف السفيه؛ سواء حجر عليه القاضي أم لا؛ وذلك الاشتراط البلوغ وكمال العقل وجواز التصرف في الواقف، وبما أن السفيه لا يجوز له التصرف في المال فلا يجوز وقفه إذا ثبت سفهه، وإن لم يحجر عليه الحاكم الشرعي في الخارج، لأنه محجور عليه من قبل الشارع المقدّس إذا ثبت سفهه؛ ولذا ذكر صاحب الجواهر أنه يعتبر في الواقف البلوغ وكمال العقل وجواز التصرف، ولعلَّ الأخير مُغْنٍ عن الأوّلَين؛ ولذا اكتفى في اللمعة باشتراط الكمال، وفي الدروس بأهلية الوقف، وفي محكي السرائر والغنية كونه مختارًا مالكًا للتبرع به إجماعًا، وأن المحجور عليه لفلس أو سفه لا يجوز له التصرف المالي بعبادة أو غيرها، بل قد يشكل صحته منه مع الإجازة المتأخرة بما عرفته سابقًا في الفضولي (١).

ثم إن فقهاء الإمامية اشترطوا في رفع الحجر: البلوغ، والرشد، وما دام هذا الإنسان سفيها فلا يصدق عليه الرشد؛ فلا يصح وقفه، فالحَجر على المفلس لا يثبت إلّا بحكم الحاكم، أمّا الحَجر للسفه فهو ثابت، ولو لم يحكم الحاكم الشرعي بالحجر عليه إذا ثبت سفهه (٢).

[رابعا: وقف المحجور عليه لفلس]

المفلس في عُرف الفقهاء يُطلق على من لا مال له أصلًا، أو كان خرجه أكثر من دخله، ويُطلق على من له مال وعليه دين أكثر من ماله، فذكر ابن قدامة: أنهم إنما سموا هذا مفلسا وإن كان ذا مال لأن ماله مستحق الصرف في جهة دينه؛ فكأنه معدوم (٣).


(١) انظر: جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، الشيخ محمد حسن النجفي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط ٧، ١٩٨١ م، ٢٨/ ٢٠.
(٢) انظر: المرجع السابق، ٢٦/ ٩٤.
(٣) المغني، موفق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الجماعيلي الدمشقي الصالحي الحنبلي، ٦/ ٥٣٦ - ٥٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>