للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها، وحبَّست أصلها"، فجعلها عمر أن لا تباع ولا توهب ولا تورث، وتصدَّق بها على الفقراء والمساكين وابن السبيل وفي سبيل الله والرقاب، ولا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، ويطعم غير متموِّل فيه، ثم أوصى به إلى حفصة بنت عمر رضي الله عنهما، ثم إلى الأكابر من آل عمر (١).

قال ابن حزم: "وحبس عثمان بئر رومة على المسلمين بعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ينقل ذلك الخلف عن السلف جيلًا بعد جيل، وهي مشهورة بالمدينة، وصدقاته عليه السلام بالمدينة مشهورة كذلك، وقد تصدَّق عمر في خلافته بثمغ، وهي على نحو ميل من المدينة، وتصدَّق بماله وكان يغل مائة وسق بوادي القرى، كل ذلك حبسًا وقفًا، لا يباع ولا يُشترى، وأسنده إلى حفصة ثم إلى ذوي الرأي من أهله، وحبس عثمان وطلحة والزبير وعلي بن أبي طالب وعمرو بن العاص دُورهم على بنيهم وضياعًا موقوفة، وكذلك ابن عمر، وفاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسائر الصحابة؛ جملة صدقاتهم بالمدينة أشهر من الشمس؛ لا يجهلها أحد، وأوقف عبد الله بن عمرو بن العاص الوهط على بنيه، اختصرنا الأسانيد لاشتهار الأمر" (٢).

ثانيًا شروط ناظر الوقف المختلَف فيها عند الفقهاء:

[الشرط الأول: الإسلام]

اختلف الفقهاء في اشتراط إسلام الناظر؛ هل هو شرطٌ لصحة النظارة، أو ليس بشرط صحة، أو أنه يختلف باختلاف حال الموقوف عليه؟ وذلك إلى ثلاثة أقوال (٣):


(١) أخرجه أبو داود في سننه، باب ما جاء في الرجل يوقف الوقف، حديث رقم ٢٤٩٣، والبيهقي في سننه ٦/ ١٦١، حديث رقم (١١٦٨٢)، والدارقطني، باب كيف يُكتب الحبس، حديث رقم (٤٤٦٥)، وقال الدارقطني: "قال أبو مسعود: قالوا: هذا أجود حديث رواه ابن عون"، وصححه الشيخ ناصر الدين الألباني في صحيح أبي داود، حديث رقم (٢٨٧٩).
(٢) المحلى، علي بن أحمد بن حزم، ٩/ ١٨٠.
(٣) لم يتطرق الزيدية والإباضية لهذا الشرط في عرضهم لشروط الناظر على الوقف، بل إن الإباضية لم يتطرَّقوا لشروط الناظر إلا شرط الأمانة فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>