للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقضه، فينقض ويحفظ أو يعمر به مسجد آخر إن رآه الحاكم، والأقرب إليه أولى، ولا يصرف نقضه لنحو بئر وقنطرة ورباط. واستدلوا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يباع أصلها ولا تبتاع ولا توهب ولا تورث".

شدد جمهور الشافعية في منع استبدال الوقف، فالأصح عندهم جواز بيع حصر المسجد إذا بليت، وجذوعه إذا انكسرت، ولم تصلح إلا للإحراق، ولو انهدم مسجد وتعذر إعادته لم يبع بحال، وتصرف غلته إلى أقرب المساجد منه (١).

[شرط الاستبدال عند الحنابلة]

لم يفرق الحنابلة بين العقار والمنقول، فحكم العقار عندهم حكم المنقول.

ولهم في بيع المسجد روايتان، وإن كان المعتمد عندهم جواز الاستبدال، وهو ما رجحه ابن قدامة، فقال: الوقف إذا خرب، وتعطلت منافعه، كدار انهدمت، أو أرض خربت، وعادت مواتا، ولم تمكن عمارتها، أو مسجد انتقل أهل القرية عنه، وصار في موضع لا يصلى فيه، أو ضاق بأهله ولم يمكن توسيعه في موضعه.

أو تشعب جميعه فلم تمكن عمارته ولا عمارة بعضه إلا ببيع بعضه، جاز بيع بعضه لتعمر به بقيته. وإن لم يمكن الانتفاع بشيء منه، بيع جميعه.

أما الرواية الثانية، فقد قال أبو بكر: وقد روي علي بن سعيد، أن المساجد لا تباع، وإنما تنقل آلتها.

واستدل ابن قدامة على صحة القول بالاستبدال بالإجماع لإجماعهم على جواز بيع الفرس الموقوفة على الغزو إذا كبرت، فلم تصلح للغزو، وأمكن الانتفاع بها في شيء آخر، مثل أن تدور في الرحى، أو يحمل عليها تراب، أو تكون الرغبة في نتاجها، أو حصانًا يتخذ للطراق، فإنه يجوز بيعها، ويشترى بثمنها ما يصلح للغزو، نصَّ عليه أحمد (٢)، وقال الزركشي الحنبلي: "وهو ما عليه الأصحاب" (٣).


(١) انظر: مغني المحتاج شرح منهاج الطالبين، الشربيني، ٢/ ٣٩٢.
(٢) انظر: المغني، ابن قدامة، ٦/ ٢٨.
(٣) شرح الزركشي على مختصر الخرقي، شمس الدين محمد بن عبد الله الزركشي المصري الحنبلي، دار العبيكان، ط ١، ١٤١٣ هـ، ٤/ ٢٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>