للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الخامس حكمة مشروعية الوقف ومقاصده الخاصة]

باستقراء نصوص الفقهاء يتبين أن حكم مشروعية الوقف مردها إلى تحقيق أمرين:

- مقاصد الشرع.

- مقاصد المكلفين.

والوقف يتميز عن سائر عقود التبرعات الأخرى بأنه أكثر فاعلية في تحقيق ما يتوخاه الإنسان من جراء تبرعه في حياته وبعد مماته.

وفيما يأتي نتناول أهم هذه المقاصد بشيء من التفصيل:

أولًا: تكثير الأجر:

الوقف من الصدقة الجارية التي أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنها من العمل الذي لا ينقطع، فقد روى مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" (١).

وقد حمل العلماء الصدقة الجارية المستمرة الثواب بعد الموت المذكورة في الخبر على الوقف (٢)، وقال البغوي: "هذا الحديث يدل على جواز الوقف على وجوه الخير واستحبابه، وهو المراد من الصدقة الجارية" (٣).


(١) رواه مسلم في صحيحه، في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، حديث رقم ١٦٣١.
(٢) شرح صحيح مسلم للقاضي عياض (المُسَمَّى إكمَالُ المُعلم بِفَوَائِدِ مُسْلِم)، أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض بن عمرون اليحصبي السبتي، ٥/ ٣٧٣، وكفاية الأخيار في حل غاية الاختصار، تقي الدين أبو بكر بن محمد الحسيني الحصني الدمشقي الشافعي، ١/ ٣٠٤، وأسنى المطالب في شرح روض الطالب، أبو يحيى زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري، ٢/ ٤٥٨، وسبل السلام شرح بلوغ المرام من أدلة الأحكام، محمد بن إسماعيل الأمير الكحلاني الصنعاني ٣/ ٨٧، ونيل الأوطار، محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني، ٦/ ٢٨، وعون المعبود شرح سنن أبي داود، أبو الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي، ٨/ ٨٦، وتحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، أبو العلا محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري، ٤/ ٥٢١.
(٣) شرح السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي، ١/ ٣٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>