ولذا تطرَّق فقهاء الإسلام بالحديث عن النظارة على الوقف من زاويتين:
الزاوية الأولى: من له حقُّ النظارة على الوقف، ومن هو الأَوْلى بها، وهذا يحقِّق الركيزة الثانية من ركائز الولاية على الغير، وهي ركيزة العدل؛ إذ لا بدَّ من إعطاء كل ذي حقٍّ حقَّه، ووضع كل شيء موضعه، ووفاء كل ذي قسط قسطه، وتنزيل كل فرد المنزل الذي أعطاه الله ورسوله.
الزاوية الثانية: الشروط الواجب توفُّرها في ناظر الوقف، والصفات التي لا بدَّ من من وجودها فيه، وهذا يحقق الركيزة الأولى من ركائز الولاية على الغير، وهي ركيزة المصلحة؛ لأن حفظ الوقف مطلوب شرعًا، وإبقائه صالحًا ناميًا مرغَّب فيه دينًا، وإذا لم يكن الناظر متَّصفًا بهذه الصفات، ولم تتحقق فيه تلك الشروط؛ لم يمكنه مراعاة حفظ الوقف فضلًا عن تنميته.
فكان الحديث فيما سيأتي - بعد بيان مفهوم النظارة على الوقف - عن ولاية النظارة على الوقف، وعن شروط الناظر؛ لنتعرَّف على ما رسمه الشارع الحكيم من حدود التصرفات النافذة للناظر على الوقف، وما اهتمَّ به فقهاء الإسلام من بيان مسائله، وضبط فروعه.
ثانيًا: مفهوم النظارة على الوقف:
من المناسب هنا أن نتعرَّف على معنى الناظر على الوقف في اللغة ثمّ في الاصطلاح، ونبيِّن حقيقته؛ تمهيدًا لبيان شروط نُظَّار الوقف عند الفقهاء؛ لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره.
[تعريف الناظر لغة]
الناظر؛ بِكَسْر الظاء: اسم فاعل من نظرته أنظره نظرًا، وجمعه: نَظَّارة ونُظَّار (١).
(١) انظر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، أَبُو العباس أحمد بن مُحَمَّد بن علي الفيومي المقري الحموي، المكتبة العلمية، بيروت، د. ت، ٦١٢.