للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعًا: استثمار ريع الوقف:

يجيز فقهاء الحنفية، والمالكية، والشافعية والحنابلة، والزيدية، والإمامية لناظر الوقف استثمار ريع الوقف - إن توفرت شروط الاستثمار الآمن - بما يحقق مقاصد الوقف في تطوير المنشأة الوقفية في حد ذاتها بالزيادة في منافعها أو في تنمية قدرتها الإنتاجية أو الخدمية أو بالاستثمار في مشاريع أخرى مستقلة أو تشاركية بغية تطوير الوقف ومؤسساته أو شراء أسهم أو سندات مضاربة وغير ذلك.

وإن الناظر في كتب الفقهاء في هذه المسألة لا يجدها تخرج عن الآتي:

فجاء في ظاهر مذهب الحنفية التوسع في القول في استثمار ريع الوقف، بل لا يعتبرون في رواية عنهم ما اشتري من غلته وقفًا، ويجعلون للناظر حرية التصرُّف فيه بأنواع التصرفات التي ترجع بالفائدة عليه وعلى مقاصده، فجاء عنهم: "قيم اشترى من غلَّة المسجد حانوتًا للمسجد، يجوز بيعه عند الحاجة؛ لأنه من غلَّة الوقف وليس بوقف" (١).

وجاء أيضًا عنهم: "وفي الخانية: المتولي إذا اشترى من غلَّة المسجد حانوتًا أو دارًا أو مستغلًا آخر؛ جاز؛ لأن هذا من مصالح المسجد، فإن أراد المتولي أن يبيع ما اشترى أو باع اختلفوا فيه ... وقال بعضهم: يجوز هذا البيع؛ وهو الصحيح؛ لأن المشتري لم يذكر شيئًا من شرائط الوقف، فلا يكون ما اشترى من جملة أوقاف المسجد" (٢).

وإن هذا القول فيه من المرونة الاستثمارية إن وجدت ضمانات الرقابة على تصرفات الناظر.

وجاء عنهم أيضًا مشروعية تنمية أصول الوقف بالزيادة فيها بالبناء، قال ابن نجيم الحنفي: "وإن أراد قيم الوقف أن يبني في الأرض الموقوفة بيوتًا يستغلها بالإجارة، لا يكون له ذلك لأن استغلال أرض الوقف يكون بالزرع؛ ولو كانت الأرض متصلة ببيوت


(١) الاختيار لتعليل المختار، عبد الله بن محمود بن مودود الموصلي الحنفي، ٣/ ٥٣.
(٢) البحر الرائق شرح كنز الدقائق، ابن نجيم الحنفي، ٥/ ٢٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>