للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التمليكات، وفي معناه إشارة الأخرس المفهمة" (١)، وقد قرر الفقهاء قاعدة فقهية: إشارة الأخرس المعهودة كالبيان باللسان (٢).

قال سلطان العلماء عز الدين بن عبد السلام: "وأمَّا إشارةُ الأخرسِ المُفْهِمَةِ فهيَ كصريح المَقال إن فهمها جميعُ النَّاسِ، كَمَا لو قِيلَ لَهُ كَم طلَّقت امرأتك، فأشار بأصابعهِ الثَّلاثِ، وكَم أَخَذْت من الدَّراهِم؟ فأشارَ بأصابعهِ الخَمسِ، وإن كانت ممَّا يفهمُهُ النَّاسُ نُزِّلَت منزلةَ الظَّواهِرِ، وَإِن كانت ممَّا يتردَّدُ فيهِ نُزِّلَت مَنزلةَ الكنايات، وكذلكَ من اُعتُقل لسانُهُ بمرضٍ غَيرهِ؛ فقيلَ لَهُ: لِفُلانٍ عَليك ألفٌ؛ فَأشَارَ بِرَأسِهِ؛ أي نَعَم، أو أشارَ بِرأسِهِ إلى فَوقٍ؛ أي لا شيء له، وكذا لو قيل لهُ: قَتلت زيدًا؟ وكذلِكَ كتابتُهُ تقوم مقام إشارتهِ، وأمَّا كتابهُ غَيرِهِ من القادرينَ عَلَى النُّطقِ؛ ففي إقامتها مقام كلامه قولانِ" (٣).

[الحال الثانية: حال صدور الإشارة من القادر على النطق]

فقد اختلف الفقهاء في إقامة إشارته مقام النطق على قولين:

القول الأول: ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والشافعية والحنابلة، والزيدية، والإمامية، والإباضية .. إلى أن إشارة القادر على النطق لا تقوم مقام اللفظ؛ لأن


(١) مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، شمس الدين محمد بن أحمد الخطيب الشربيني الشافعي، ٢/ ٣٨١.
(٢) انظر: مجلة الأحكام العدلية، لجنة مكونة من عدة علماء وفقهاء في الخلافة العثمانية، المادة (٧٠)، ٢٤، والحاوي في فقه الشافعي، أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي الشهير بالماوردي، ١٠/ ٣٦١، والمبسوط، شمس الأئمة محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي، ٧/ ٤٢، والتحبير شرح التحرير في أصول الفقه، علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي الدمشقي الصالحي الحنبلي، مكتبة الرشد، السعودية، الرياض، ط ١، ١٤٢١ هـ/ ٢٠٠٠ م، ٣/ ١٤٣٠، ومواهب الجليل لشرح مختصر خليل، أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن المغربي المعروف بالحطاب الرعيني، ٣/ ٤٢٢.
(٣) القواعد الكبرى الموسوم بـ (قواعد الأحكام في إصلاح الأنام)، عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام، دار القلم، دمشق، ط ١، ١٤٢١ هـ / ٢٠٠٠ م، ٢/ ٢٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>