للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا خلاف بين الفقهاء في جواز استعانة الناظر بأعوان على أعمال الوقف وإدارة شؤونه، ولهم في ذلك آراء نفصِّلها فيما يأتي:

[أ) عند الحنفية]

نصَّ فقهاء المذهب الحنفي على مشروعية تنصيب الناظر لأعوان وأجراء له يقومون على رعاية الوقف وإدارة شؤونه، كما نصُّوا على استحقاق أولئك الأعوان للأجرة، وأن مرجع تقديرها إلى ما تعارفه الناس، وفيما يأتي بعض أقوالهم:

١ - قال الخصاف: "لوالي الوقف أن يستأجر الأجراء لما يحتاج إليه من العمارة وهذا شيء قد كُفينا مؤونة الاحتجاج له؛ لأن عمل الناس عليه، قلت: وهل يحدُّ القيام الذي يستحق به هذا الرجل ما جعل له الواقف من غلَّة هذه الصدقة؟ قال: ليس عندنا في هذا شيء محدود، وإنما ذلك على ما يتعارفه الناس من القيام بعمارة ما وقعت عليه عقدة هذه الصدقة واستغلال ذلك وبيع غلاته وتفرقة ما يجتمع من غلاته في الوجوه التي سبلها فيها، قلت: أرأيت إن لم يباشر الرجل هذا بنفسه؟ قال: إنما يكلف من هذا ما يجوز أن يفعله مثله، ولا ينبغي له أن يقصر عن ذلك، وأما ما كان يفعله الوكلاء والأجراء فليس ذلك عليه، ألا ترى أنه لو جعل القيام بذلك إلى امرأة من أهله أو من بيته، وجعل لقيامها بذلك مالًا سماه لها في كل سنة؛ هل تكلف المرأة من القيام إلا مثل ما يفعله النساء؟ قال: ليس عليها من ذلك إلا ما يتعارفه الناس في هذا الأمر، ألا ترى أن الرجل يكون له الضياع فلا يباشرها بنفسه ولا يشاهدها، وإنما يقوم بأمرها كفاته، فكذلك حال القيم بأمر هذه الصدقة فيما يتولاه من ذلك (١).

٢ - وقال برهان الدين الطرابلسي الحنفي: "فصل فيما يجعل للمتولي من غلَّة الوقف: يجوز أن يجعل الواقف للمتولي على وقفه في كل سنة مالًا معلومًا لقيامه بأمره،


(١) أحكام الأوقاف، الخصاف، ٣٤٥، وانظر: المحيط البرهاني، ابن مازة، ٦/ ١٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>