للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولًا: هل الأصل في الشروط الحظر أو الإباحة؟

هذه المسألة عامة في جميع الشروط بما فيها الشروط الخاصة بالواقف، ولذلك نذكرها بإيجاز، ويقصد بها: حرية المتعاقدين في إحداث الشروط.

فقد ذهب الجمهور (١) إلى أن الأصل في الشروط الإباحة، في حين أن الظاهرية وحدهم هم الذين ذهبوا إلى أن الأصل التحريم (٢).

وقد استدل الظاهرية على ذلك بما يأتي:

١ - ما رواه البخاري وغيره بسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت: "دخلت عليّ بريرة، وهي مكاتبة، فقالت: يا أم المؤمنين: اشتريني، فإن أهلي يبيعوني، فأعتقيني، قالت: نعم، قالت: إن أهلي لا يبيعوني حتى يشترطوا ولائي، قالت: لا حاجة لي فيك .. فسمع ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - أو بلغه - فقال: "اشتريها، فأعتقيها وليشترطوا ما شاؤوا وفي لفظ زيادة: (فإنما الولاء لمن أعتق)، قالت: فاشتريتها فأعتقتها واشترط أهلها ولاءها .... ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ما بال الناس يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله؟ من اشترط شرطًا ليس في كتاب الله فليس له، وإن شرط مائة مرة، شرط الله أحق وأوثق" (٣).

فظاهره بطلان جميع الشروط التي ليست في كتاب الله؛ لأن لفظ (من اشترط) عام، وأكد هذا العموم (وإن اشترط مائة شرط) (٤) فهذا الحديث وإن كان في الشروط


(١) انظر: مبدأ الرضا في العقود، د. علي محي الدين القره داغي، دار البشائر الإسلامية، بيروت، ١٩٨٥ م، ٢/ ١١٦٤ - ١١٩٦ (حيث توصل الباحث إلى أن رأي الجمهور هو ما ذكر أعلاه، مع أن بعض الباحثين المعاصرين يرون أن الأصل عند الجمهور هو الحظر أيضًا، وأن ابن تيمية وحده، أو مع بعض الفقهاء يرى أن الأصل فيها الإباحة)، والمدخل للفقه الإسلامي، محمد سلام مدكور، دار النهضة المصرية، ١٣٨٣ هـ، ٦٤٧.
(٢) انظر: مبدأ الرضا في العقود، د. علي محي الدين القره داغي، ٢/ ١١٦٤ - ١١٩٦.
(٣) فتح الباري شرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي، دار المعرفة، بيروت، ٥/ ١٨٧ و ٣٢٤، وصحيح مسلم، مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ٢/ ١٢٤١.
(٤) انظر: فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، ٥/ ١٨٩، والمحلى بالآثار، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري، دار الفكر، بيروت، د. ط، د. ت، ٩/ ٤٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>