للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثالث: وقف المفلس صحيح، وهو مذهب الظاهرية؛ إذ لا يجوز الحجر عندهم على أحد في ماله، إلا على من لم يبلغ، أو على مجنون في حال جنونه (١).

ثم اختلف القائلون بعدم جواز وقف المحجور في مسألتين؛ الأولى: حكم ما يقفه المفلس قبل الحجر عليه، والثانية: ما يقفه المفلس مما تجدد له من مال، وذلك على النحو الآتي:

[ب) مسألة وقف المفلس قبل الحجر عليه]

ثم اختلف الفقهاء في وقف المفلس قبل الحجر عليه على ثلاثة أقوال:

القول الأول: وقف المفلس قبل أن يحجر عليه الحاكم جائز، وهو مذهب الحنفية في المفتي به، والشافعية، والحنابلة، والزيدية (٢)، قال ابن الهمام من الحنفية: "لو وقف المديون الصحيح وعليه ديون تحيط بماله فإن وقفه لازم، لا ينقضه أرباب الديون إذا كان قبل الحجر بالاتفاق؛ لأنه لم يتعلق حقهم بالعين في حال صحته" (٣)، وهذا ما يؤخذ من عبارات الإمامية؛ إذ لا يثبت عندهم حجر المفلس إلا بحكم الحاكم (٤).

القول الثاني: إن عُلم تقدُّم الدين على الوقف بطل؛ سواء كان الوقف على محجوره أو غيره، فإن عُلم تقدم الوقف على الدين فلا بطلان، كان الوقف على محجوره أو على غيره، وإن جهل سبقه له: فإن كان الوقف على محجوره بطل إن


(١) انظر: المحلى بالآثار، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي
الظاهري، المسألة رقم (١٣٩٤)، ٧/ ١٤١ - ١٤٢.
(٢) انظر: رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي المشهور بابن عابدين، ٤/ ٣٩٧ - ٣٩٨، والفتاوى الكبرى الفقهية، ابن حجر الهيتمي، ٣/ ١٤، والمغني، موفق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الجماعيلي الدمشقي الصالحي الحنبلي، ٥/ ٥٦٩، والبحر الزخار الجامع لمذاهب الأمصار، أحمد بن يحيى بن المرتضي، ٦/ ٨٥، والتاج المذهب لأحكام المذهب، أحمد بن قاسم العنسي اليماني الصنعاني، ٤/ ١٥٩.
(٣) فتح القدير، كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي المعروف بابن الهمام، ٦/ ٢٠٨.
(٤) انظر: شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام، المحقق الحلي أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن، ١/ ٣٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>