للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثاني: يلزم المستأجر تمام أجر المثل، وإليه ذهب الحنفية والحنابلة، قال في الفتاوى الهندية من كتب الحنفية نقلا عن الفصول العمادية: "لو أجر القيم الدار بأقل من أجر المثل قدر ما لا يتغابن الناس فيه حتى لم تجز فسكنها المستأجر كان عليه أجر المثل بالغًا ما بلغ على ما اختاره المتأخرون، وكذا إذا آجره إجاره فاسده" (١).

وعند الحنابلة لو أجَّر ناظر الوقف العين الموقوفة بأنقص من أجرة المثل؛ صحَّ عقد الإجارة، وضمن ناظر الوقف النقص الذي لا يتغابن به في العادة إن كان المستحق غيره؛ لأنه يتصرَّف في مال غيره على وجه الحظ، فضمن ما نقصه بعقده كالوكيل إذا باع أو أجر بدون ثمن أو أجر المثل (٢).

القول الثالث: فيه تفصيل؛ إذا أكرى الناظر العين الموقوفة بأقل من أجرة المثل؛ ضمن تمام أجرة المثل إن كان مليًّا، وإلا رجع على المستأجر؛ لأنه مباشر، وذلك عند المالكية (٣).

[٥ - استئجار العمال بأكثر من أجر المثل]

استئجار الناظر العمال لعمارة الوقف بأكثر من أجر المثل أمر يتعارض مع مصلحة الوقف فيجعل الناظر ضامنًا جميع ما دفع للعمال، ففي الخانية: المتولي إذا استأجر رجلًا في عمارة المسجد بدرهم ودانق، وأجر مثله درهم فاستعمله في عمارة المسجد ونقد الأجر من مال الوقف قالوا يكون ضامنًا جميع ما نقد؛ لأنه لما زاد في الأجر أكثر مما يتغابن فيه الناس يصير مستأجرًا لنفسه دون المسجد، فإذا نقد الأجر من مال المسجد كان ضامنًا (٤).


(١) الفتاوي الهندية، ٢/ ٤٢٠ - ٤٢١.
(٢) انظر: مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى، الرحيباني، ٤/ ٣٤٠، وكشاف القناع عن متن الإقناع، البهوتي، ٤/ ٢٦٩.
(٣) انظر: شرح مختصر خليل، الخرشي، ٧/ ٩٩.
(٤) انظر: البحر الرائق، ابن نجيم الحنفي، ٥/ ٥٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>