للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أ) الإيجاب بالتخلية]

التخلية في الوقف: هي رفع الموانع، والتمكين من القبض (١)، مثل أن يأذن شخص للناس بالصلاة في مسجد بناه، أو رفع الأذان في بناء بناه بهيئة مسجد، أو أن يهيئ طريقًا أو جسرًا في أرضه، ويخلي بين الناس وبين الانتفاع به (٢).

وقد اختلف الفقهاء في إنشاء الوقف بالتخلية على ثلاثة أقوال:

القول الأول: ذهب الحنفية، والمالكية، والزيدية، والحنابلة في رواية، وبعض الإمامية إلى أن الوقف يحصل بالفعل مطلقًا، حيث أجازوا إنشاء الوقف بكل فعل يدل على الوقف، وفي جميع الموقوفات: من مساجد، ومدارس، ومقابر، وجسور، وسقايات .. وغير ذلك، فالضابط عندهم ما جرى العرف على اعتبار الفعل قائمًا مقام اللفظ في الوقف؛ فيدل على إنشاء الوقف (٣).

قال هلال الرأي الحنفي: "وإذا جعل الرجل داره مسجدًا للمسلمين، وبناها كما تُبني المساجد، وأشهد الله على أنه جعلها مسجدًا، فهذا عندنا جائز، وإن لم يكن صُلي فيها، وهذا خلاف قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى؛ وكان أبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول: لا يكون مسجدًا حتى يُصلى فيه" (٤).


(١) انظر: رد المحتار على الدر المختار (حاشية ابن عابدين)، محمد أمين الدمشقي الحنفي المعروف بابن عابدين، ٦/ ٤٧٩.
(٢) انظر: فتح القدير شرح الهداية، كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي المعروف بابن الهمام، ٥/ ٦، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي، ٧/ ٣٦ - ٣٧، ومطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهي، مصطفى بن سعد بن عبده الدمشقي الحنبلي، ٢/ ٤٠٦.
(٣) انظر: المبسوط، شمس الأئمة محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي، ١٢/ ٣٣، ومواهب الجليل لشرح مختصر خليل، أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن المغربي المعروف بالحطاب الرعيني، ٦/ ٢٧، والمغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي، ٨/ ١٩٠، ورؤوس المسائل الخلافية، أبو المواهب الحسين بن محمد العكبري، دار إشبيلية، الرياض، ط ١، ١٤٢١ هـ/ ٢٠٠١ م، ٣/ ١٠٤٦، وشرح الأزهار المنتزع من الغيث المدرار، أبو الحسن عبد الله بن مفتاح، ٣/ ٤٧٨، ومفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة السيد محمد جواد الحسيني العاملي، ١١/ ٩.
(٤) أحكام الوقف، هلال بن يحيى بن مسلم الرأي، ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>