للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول الثاني: المفاضلة بين الأولاد (حسب قسمة الميراث)، وتفصيله على النحو الآتي]

أولًا: بعض فقهاء الحنفية:

تكون الفريضة الشرعية في الْوَقْف هي المفاضلة، فإذا أطلقها الواقف انصرفت إليها، لأنها هي الكاملة المعهودة في باب الْوَقْف، فإذا وجد ذكور فقط يحمل لفظ الفريضة الشرعية على القسمة بالسوية، لا على قسمة الميراث بينهما؛ لأن الغالب من أحوال الواقفين إرادة التفاوت بين الذكر والأنثى، فيحمل هذا اللفظ على الغالب إذا وجد ذكر وأنثى، لا إذا كانا ذكرين (١).

ثانيًا: الحنابلة في المذهب:

المستحب أن يقسم الْوَقْف على أولاده على حسب قسمة الله تعالى الميراث بينهم، للذكر مثل حظ الأنثيين؛ ولأن الذكر في مظنة الحاجة أكثر من الأنثى (٢)، ويقسم بينهم على قدر إرثهم من الواقف، فيستحقونه كالميراث، ويقع الحجب بينهم كالميراث (٣) ووجه ذلك أن الزبير - رضي الله عنه - خصَّ المردودة من بناته دون المستغنية منهن بصدقته، وعلى قياس قول أحمد، لو خص المشتغلين بالعلم من أولاده بوقفه، تحريضًا لهم على طلب العلم، أو ذا الدين دون الفساق، أو المريض أو من له فضل من أجل فضيلته، فلا بأس، وقد دل على صحة هذا أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - نحل عائشة جذاذ عشرين وسقًا دون سائر ولده، وحديث عمر أنه كتب: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به عبد الله أمير المؤمنين، إن حدث به حدث، أن ثمغًا وصرمة بن الأكوع، والعبد الذي فيه، والمائة سهم التي بخيبر، ورقيقه الذي فيه، الذي أطعمه محمد - صلى الله عليه وسلم - بالوادي، تليه حفصة ما عاشت، ثم يليه ذو الرأي من أهلها، أن لا يباع ولا يشترى، ينفقه حيث


(١) انظر: رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي، ٤/ ٤٤٥ - ٤٤٦.
(٢) انظر: المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي، ٥/ ٣٦٠.
(٣) انظر: كشاف القناع عن متن الإقناع، منصور بن يونس بن إدريس البهوتي، ١٠/ ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>