كتاب مدونة أحكام الوقف الفقهية

المبحث الثاني الوقف على النفس (انتفاع الواقف بوقفه) - القول الثاني: الذي لا يجيز الوقف على النفس، ولا انتفاع الواقف بوقفه - ج: 2 - ص: 48

[القول الثاني: الذي لا يجيز الوقف على النفس، ولا انتفاع الواقف بوقفه]

أولًا: رأي عند الحنفية:

أ) الوقف على النفس غير جائز عند مُحَمَّد بن الحسن الشيباني (١).

ب) وجه الخلاف بين الرأي الذي يرى الجواز، والرأي الذي لا يرى الجواز في المذهب الحنفي:

والخلاف بين الرأيين قائم إذا شرط الواقف كُلِّ الغَلَّة أو بعضها لنفسه وبعده للفقراء، وهناك من رأى سببًا آخر وهو بناءً على الخلاف في اشتراط قبض المُتَوَلِّي، فلما شرطه محمد منع اشتراط الغلة لنفسه لأنه حينئذ لا ينقطع حقه فيه، وما شرط القبض إلا لينقطع حقه، ولما لم يشرطه أبو يوسف لم يمنعه (٢).

ثانيًا: رأي عند المالكية:

هنالك من جوّز الوقف على النفس كابن شريح، وحجتهم أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان يأكل من ثمر صدقته بخيبر؛ ولأن عثمان - رضي الله عنه - وقف بئرًا وقال: "دلوي فيها كدلاء المسلمين" (٣).

ثالثًا: الشافعية في المذهب:

أ) المذهب أنه لا يجوز الوقف على النفس ولا انتفاع الواقف بأي شيء منه (٤). دليلهم: أن وَقْفَهُ على نفسه لا يجوز لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "حَبِّسِ الأصل، وسَبِّل الثمرةَ"، وبتسبيل

---

(١) انظر: فتح القدير، كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي المعروف بابن الهمام، ٦/ ٢٢٥، ورد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي، ٤/ ٣٦٢ و ٣٨٤.
(٢) انظر: فتح القدير، كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي المعروف بابن الهمام، ٦/ ٢٢٥.
(٣) انظر: الذخيرة، شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي، ٦/ ٣١١.
(٤) انظر: الحاوي الكبير، العلامة أبو الحسن الماوردي، ٧/ ٥٢٥ - ٥٢٧، حيث ذكر فيه الرأيين بالجواز من عدمه، والإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع، محمد الشربيني الخطيب، ٢/ ٣٦١. وحواشي تحفة المحتاج بشرح المنهاج، الشيخ عبد الحميد الشرواني والشيخ أحمد بن قاسم العبادي، ٦/ ٢٤٤ - ٢٤٥، وكنز الراغبين، الإمام جلال الدين محمد بن أحمد المحلى، ٣٤٠، حيث ذكر أن فيه خلافا، والوسيط في المذهب، حجة الإسلام الإمام أبو حامد محمد بن محمد الغزالي، ٤/ ٢٤٣، حيث ذكر فيه الرأيين بالجواز من عدمه، وروضة الطالبين وعمدة المفتين، الإمام النووي، ٥/ ٣١٨ - ٣١٩ ذكر فيه الرأيين بالجواز من عدمه.