للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: الحنابلة في المذهب:

المذهب أنه لا بد من تحديد الجهة التي يصرف لها الوقف. فلا يصح الوقف إلا على جهة صرف محددة (فردا أو جماعة، أو جهة) كولده، وأقاربه، ورجل معين، ولا يصلح على غير معين كرجل وامرأة؛ لأن الوقف تمليك للعين أو للمنفعة، فلا يصح على غير معين كالبيع والإجارة (١)، ولا يصح على مجهول كرجل، ولا على أحد هذين الرجلين أو المسجدين لتردده (٢)، ولا يصح على من لا يملك كالحمل، والبهيمة، والعبد، وفي المكاتب وجهان لتردده بين الحر والعبد القن (٣).

والمذهب أن الوقف غير المحدد جهة صرفه صحيح (وإن كان هنالك من قال ببطلانه) (٤). ولو جهل شرط الواقف في الصرف عمل بعادة جارية ثم بعرف لأن العادة المستمرة والعرف المستقر في الوقف يدل على شرط الواقف أكثر مما يدل لفظ الاستفاضة، فمن وقف على أحد أولاده وله عدة أولاد وجهل اسمه أنه يميز بالقرعة، ثم إن لم تكن عادة ولا عرف ببلد الواقف كمن ببادية فالتساوي، فيساوي فيه بين المستحقين لثبوت الشركة دون التفضيل (٥).

بل إن المذهب على صحة الوقف على القبيلة العظيمة كقريش وبني هاشم وبني تميم وبني وائل ونحوهم، كما يصح الوقف على أهل إقليم ومدينة كالشام ودمشق


(١) انظر: المغني في فقه الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي، ٥/ ٣٧٦.
(٢) انظر: شرح منتهى الإرادات، منصور بن يونس بن إدريس البهوتي، ٢/ ٤٠٣ - ٤٠٤، وكشاف القناع عن متن الإقناع، منصور بن يونس بن إدريس البهوتي، ١٠/ ٢٤ - ٢٥، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي، ٧/ ٢٠.
(٣) انظر: شرح الزركشي على مختصر الخرقي، شمس الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الله الزركشي المصري الحنبلي، ٢/ ٢٠٦.
(٤) انظر: كشاف القناع عن متن الإقناع، منصور بن يونس بن إدريس البهوتي، ١٠/ ٢٦ و ٤٥.
(٥) انظر: شرح منتهى الإرادات، منصور بن يونس بن إدريس البهوتي، ٢/ ٤١٢، وكشاف القناع عن متن الإقناع، منصور بن يونس بن إدريس البهوتي، ١٠/ ٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>