للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سادسًا: المذهب الإمامي:

أنه لا يجوز إيجار الوقف مدة طويلة يخشى فيه على الوقف من تغلب الأيدي وترتب أثر الملكية عليه، هذا مع الإطلاق، وهم من أصحاب القول الأول في المسألة، ولو شرط الواقف أن لا يؤجر أكثر من سنة أو سنتين فآجر المتولي أو المرتزقة أكثر من ذلك بطل الزائد، ولا تجدي الحيلة بإيجاره عقودًا متعددة سنتين سنتين؛ لأنه خلاف غرض الواقف، وإن وافق لفظه (١).

سابعًا: المذهب الإباضي:

ذكرنا فيما مضى فتوى إمام الإباضية في العصر الحاضر؛ سماحة العلامة الشيخ أحمد الخليلي .. بجواز إجارة الوقف لمدة طويلة تزيد على أربعين عامًا، وأن ذلك لا ينافي تعاليم الإسلام، مع حفظ العقار الموقوف (٢).

مما سبق يتضح أن هناك أقوالًا: الأول منها يقول بجواز الإجارة الطويلة مطلقًا، والثاني يرى عدم جوازها مطلقًا، أما الثالث فإنه يجيزها في حال الضرورة، ومن الملاحظ أن الإجارة الطويلة الأمد أسلوب استثماري قد لا يبدو نافعًا فيما إذا كان العمل غير منضبط قانونيًا وإداريًا كما كان في العصور الماضية، فلقد كانت المدة الطويلة سببًا لفقدان العارفين بالوقف والشهود فيه، وبالتالي يسهل وضع اليد عليه، فإن من رآه يتصرف فيه تصرف المُلَّاك مدة طويلة يخال هذا مالكًا فتضيع الأوقاف والحقوق المترتبة عليها، إلا أن هذا المحذور غير ذي أهمية في عصرنا الحاضر؛ إذ إن التنظيم الإداري والقانوي لعملية توثيق المعاملات والملكيات وما إلى ذلك قد بلغت مبلغًا عظيمًا من التنظيم والإتقان، وينبغي أن يستفاد منها في عملية التوثيق الوقفي وإدارة الأوقاف وصناعة استثمار الوقف، في عالم يسوده الاقتصاد المتحرك والنشط في هذا القرن المتميز من الزمان، ولا ريب أن هناك عديدا مما يمكن استخدامه كضوابط شرعية في إجارة الوقف، بالإضافة إلى الضوابط التي ذكرناها في المدخل التمهيدي.


(١) انظر: تحرير المجلة، محمد حسين كاشف الغطاء، (مسألة ٢٥٠)، ٥/ ١٨٥.
(٢) انظر: الفتاوى، الخليلي، ٤/ ٢١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>