للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثالث: ذهب الشافعية إلى أن الأصل عدم حصول الوقف بالفعل، لكن يستثنى من ذلك المساجد والمدارس والربط في الأرض الموات، حيث أجازوا إنشاء الوقف فيها بالفعل، فإذا بني شخص مسجدًا في الأرض الموات، وكذلك المدارس والرُبط، ونوى جعلها وقفًا، كانت وقفًا.

فذكر الخطيب الشربيني الشافعي: أنه لا يصح الوقف إلا بلفظ من ناطق يُشعِر بالمراد؛ كالعتق، بل أولى، وكسائر التمليكات، ويُستثنى من اشتراط اللفظ ما إذا بني مسجدًا في أرض موات، ونوى جعله مسجدًا؛ فإنه يصير مسجدًا، ولم يحتج إلى لفظ، واستدلوا لذلك بأن الفعل مع النية مغنيان هنا عن القول في هذه الأمور، ووجهه السبكي: بأن الموات لم يدخل في ملك من أحياه مسجدًا، وإنما احتيج إلى اللفظ لإخراج ما كان ملكه عنه، وصار للبناء حكم المسجد تبعًا، وقال الإسنوي: وقياس ذلك إجراؤه في غير المسجد من المدارس والربط وغيرها (١).

[ب) الإيجاب بالمعاطاة]

المعاطاة لغة: المناولة (٢)، وهي في الاصطلاح تُطلق على: مناولة خاصة (٣)، حيث يناول الواقف العين الموقوفة للموقوف عليه، فيأخذها دون تلفُّظ بإيجاب أو قبول، وكما تكون المعاطاة من جانبين يمكن أن تكون من جانب واحد؛ كأن يعطي الواقف الحصير أو السجاد أو بعض المصاحف أو آلات الإسراج إلى قيِّم المسجد، أو أن يضعها في المسجد.

والمعاطاة من جانب الواقف تختلف عن التخلية، فالتخلية تمكين الغير من الانتفاع بالشيء دون مانع، وأما المعاطاة فهي إقباض الشيء أو نقله وتحويله إلى جهة الوقف.


(١) انظر: مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، شمس الدين محمد بن أحمد الخطيب الشربيني الشافعي، ٢/ ٣٨١ - ٣٨٢.
(٢) انظر: لسان العرب، أبو الفضل محمد بن مكرم بن على جمال الدين بن منظور الأنصاري الرويفعى الإفريقي، ١٥/ ٦٨.
(٣) انظر: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، أبو العباس أحمد بن محمد بن علي الفيومي ثم الحموي، ٢/ ٤١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>