للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأصل أنه لا يجوز لناظر الوقف أن يستدين على الوقف، إلا أن الفقهاء استثنوا حالة الضرورة الملحة لمصلحة الوقف عن هذا الأصل، فأجازوا للناظر أن يستدين على الوقف إذا كانت هناك ضرورة تقتضي ذلك وما لا يكون منه بد، على أن يرجع به في غلة الوقف عند حصولها، فقال هلال: "إذا احتاجت الصدقة إلى العمارة وليس في يد القيم ما يعمرها، فليس له أن يستدين عليها؛ لأن الدين لا يجب ابتداء إلا في الذمة، وليس للوقف ذمة، والفقراء وإن كانت لهم ذمة إلا أنهم لكثرتهم لا تتصور مطالبهم، فلا يثبت الدين باستدانة القيم إلا عليه، ودين يجب عليه لا يملك قضاءه من غلة هي على الفقراء" (١)، وعن الفقيه أبي جعفر: أن القياس هذا، لكن يترك القياس فيما فيه ضرورة (٢)، وقال الحصكفي: "لا تجوز الاستدانة على الوقف إلا إذا احتيج إليها المصلحة الوقف" (٣).

[ب) شروط الاستدانة لمصلحة الوقف]

اختلف الفقهاء القائلون بجواز الاستدانة لمصلحة الوقف في شروط جوازها:

فذهب الحنفية في المختار والشافعية إلى أنه يجوز للقيم أن يستدين على الوقف للمصلحة بإذن القاضي ويرجع في غلة الوقف (٤)، فقال ابن نجيم: "الاستدانة على الوقف لا تجوز إلا إذا احتيج إليها لمصلحة الوقف؛ كتعمير وشراء بذر، فتجوز بشرطين: الأول: إذن القاضي، والثاني: ألا يتيسر إجارة العين والصرف من أجرتها، كما حرره ابن وهبان، وليس من الضرورة الصرف على المستحقين" (٥).


(١) البحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين الدين بن نجيم الحنفي، ٥/ ٢٢٦ - ٢٢٧.
(٢) انظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين الدين بن نجيم الحنفي، ٥/ ٢٢٦ - ٢٢٧.
(٣) رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي المشهور بابن عابدين، ٤/ ٤٣٩.
(٤) انظر: فتح القدير، كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي المعروف بابن الهمام، ٦/ ٢٤٠، وغمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر، أبو العباس شهاب الدين أحمد بن محمد مكي الحسيني الحموي الحنفي، ٢/ ٢٢٣ - ٢٢٤، وحواشي تحفة المحتاج في شرح المنهاج، أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي، عبد الحميد الشرواني، أحمد بن قاسم العبادي، ٦/ ٢٨٩.
(٥) غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر، أبو العباس شهاب الدين أحمد بن محمد مكي الحسيني الحموي الحنفي، ٢/ ٢٢٣ - ٢٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>