للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهناك نصوص فقهية تثبت للوقف حقوقًا باسمه ويطالب بواجبات.

فقد جاء في الدر المختار: "لا يجوز الاستدانة على الوقف إلا إذا احتيج إليها المصلحة الوقف" (١).

وقال الخطيب الشربيني من الشافعية: "لو كان الشريك كمسجد له شقص لم يوقف باع شريكه يأخذ له الناظر بالشفعة" (٢).

فهل معنى ذلك أن للوقف نوعًا من ذمَّة وأهلية كذمَّة الإنسان؟

هذا ما اختلف فيه الفقهاء المعاصرون: فمنهم من نفي الذمَّة عن الوقف ومنهم من أثبتها له.

قال د. مُحَمَّد علي القري: "وليس صحيحًا أن الوقف هو مثال للشخصية الاعتبارية ذات الذمَّة المالية المستقلة، إذ أن وصف الذمَّة المستقلة غير موجود في الوقف ولو وجد لأدي ذلك إلى جواز استيلاء دائنيه عليه إذا لم تفِ إيراداته في تسديد ديونهم، ولم يقل أحد بذلك، فدل ان الوقف ليس له ذمَّة مستقلة قابلة لتحمُّل الالتزامات" (٣).

ويقول على الخفيف: "نرى بعض الفقهاء - من الحنفية وغيرهم - يصرِّحون بأن الوقف ليس له ذمَّة، وأن بيت المال لا ذمَّة له" (٤).

ولذلك منع بعض فقهاء الحنفية من الاستدانة للوقف مطلقًا، كما نُقل ذلك عن هلال الرأي؛ فقد نقل ابن نجيم عنه قوله بأن الاستدانة إذا وقعت إنما تكون في ذمَّة الناظر (٥)، وإلى ذلك ذهب ابن نجيم؛ وأنه إذا استدان الناظر يثبت عليه، ولا


(١) الدر المختار مع رد المحتار، ٤/ ٤٣٩.
(٢) الإقناع في حل ألفاظ أَبِي شجاع، الخطيب الشربيني، ٢/ ٣٣٦.
(٣) أثر الخلاف بين الشخصية الطبيعية والاعتبارية في الأحكام الفقهية لمستجدات المصرفية الإسلامية، د. مُحَمَّد علي القري، ٩ - ١٠.
(٤) الشركات في الفقه الإسلامي (بحوث مقارنة)، علي الخفيف، دار الفكر العربي، القاهرة، ١٤٣٠ هـ/ ٢٠٠٩ م، ٣٢.
(٥) انظر: البحر الرائق، ابن نجيم الحنفي، ٥/ ٢٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>