للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثًا: رجوعه إلى ملك الواقف:

يؤول الوقف المنتهي إلى ملك الواقف في الحالات الآتية:

الحالة الأولى: إذا كان الوقف منتهيًا بسبب الانقطاع للموقوف عليهم غير المعلوم الانتهاء؛ فإنه ينصرف إلى المستحقين عند أبي يوسف، حيث قال: يرجع إلى الواقف وإلى ورثته، إلا أن يقول: صدقة موقوفة، ينفق منها على فلان وعلى فلان، فإذا انقرض المسمى كانت للفقراء والمساكين؛ لأنه جعلها صدقة على مسمى، فلا تكون على غيره، ويفارق ما إذا قال: ينفق منها على فلان وفلان، فإنه جعل الصدقة مطلقة (١).

الحالة الثانية: إذا كان الوقف منتهيًا بسبب خراب عينه عند محمد بن الحسن؛ حيث قال: إذا انهدم الوقف أو خرب، مسجدًا كان أو غيره، وليس له من الغلة ما يعمر به، فيرجع إلى الباني أو ورثته، وكذلك الرباط (مسكن المجاهدين)، والبئر إذا لم ينتفع بهما واستغني عنهما، تنقل في رواية عن أبي يوسف إلى مسجد آخر، وترجع إلى المالك في رأي محمد بن الحسن، والفتوى أن أنقاضهما تباع وتنقل إلى رباط أو بئر آخر؛ لأن غرض الواقف انتفاع الناس بالموقوف؛ ولئلا يأخذها المتغلبون، وعلل محمد بن الحسن ذلك بأن الواقف عين الوقف لنوع قرية، وقد انقطعت فينقطع هو أيضًا، وصار كحصير المسجد وحشيشه إذا استغني عنه، وقنديله إذا خرب المسجد يعود إلى ملك متخذه، وكما لو كفَّن ميتًا فافترسه سبع؛ عاد الكفن إلى ملك مالكه، وكهدي الإحصار إذا زال الإحصار فأدرك الحج كان له أن يصنع بهديه ما شاء، وعند أبي يوسف ينقل إلى مسجد آخر بإذن القاضي، فيباع نقضه بإذن القاضي ويصرف ثمنه إلى بعض المساجد، ويتفرع على الخلاف بين محمد وأبي يوسف أنه إذا انهدم الوقف وليس له من الغلة ما يعمر به؛ فإنه يرجع إلى الباني أو ورثته عند محمد خلافًا لأبي يوسف، لكن عند محمد إنما يعود إلى ملكه ما خرج عن الانتفاع المقصود للواقف بالكلية؛ كحانوت احترق (٢).

الحالة الثالثة: إذا انتهى الوقف بسبب انتهاء المدة التي وقت بها عند المالكية وبعض الحنابلة الذين يقولون بجواز تأقيت الوقف، أو بسبب الرجوع عن الوقف عند


(١) انظر: رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، ٤/ ٣٥٩.
(٢) انظر: حاشية ابن عابدين، ابن عابدين، ٤/ ٤٣٠ - ٤٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>