للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثانية: إذا لم يحدد الواقف مدة معينة لتأجير الوقف إهمالًا

فقد اختلف الفقهاء في مدى صلاحية الناظر لتحديد مدة عقد الإجارة وحدودها وفق التفصيل الآتي:

أولًا: المذهب الحنفي:

اختلف أصحابه فيما لو أهمل الواقف مدة الإجارة على آراء؛ فمنهم من يرى أنه إذا أهمل الواقف تحديد المدة فإن الأمر للناظر يكري الوقف إلى المدة التي يراها أصلح، وهو رأي المتقدمين من الحنفية (١)، وهناك من يرى أن المدة تُقيَّد بسنة مطلقًا تجنبًا لطول المدة التي قد تؤدي إلى إبطال الوقف؛ حيث إن من رآه يتصرف منها تصرف المُلَّاك على طول الزمان قد يتوهمه الناس مالكًا، ولذلك ودفعًا لمثل هذا التوهم فقد رأى بعض الفقهاء أن المدة يجب أن تحدد واختلف في تحديدها، فبعضهم كما ذكرنا يرى أن مدة السنة هي المدة الأقل لدفع مثل هذا الخطر عن الوقف، وقد فصَّل البعض؛ إذ إن إجارة السنة هي لوقف الدار، أما الأرض فثلاث سنين، إلا إذا كانت المصلحة بخلاف ذلك، وهذا قد يختلف زمانًا وموضعًا، بل يرى بعضهم أنه لو احتيج لذلك فإنه يعقد عقودًا مترادفة؛ كل عقد لسنة بكذا، هذا في الدار، أما بالنسبة لإجارة الأراضي الموقوفة فيصبح كل عقد لثلاث سنين، ويذكر في عقد واحد أنه يؤجر له الدار سنة كذا بأجر كذا، وهكذا لمدة ثلاث سنين، وهكذا إلى تمام المدة ويكون العقد الأول لازمًا فقط؛ لأن جميع ما عداه يكون مضافًا، وكل ذلك إذا كان المؤجر غير الواقف، أما إذا كان المؤجر هو الواقف فله التأجير لأكثر من مدة السنة والثلاث سنين (٢).

ثانيًا: المذهب المالكي:

تتعدد الأحكام بتعدد المسائل وشرائطها، وهي كما يأتي:

١ - إذا كان الموقوف أرضًا للزراعة، وكان المكتري من ليس مرجع الوقف له، وكان الناظر من جملة الموقوف عليهم؛ فإن كان الوقف قد تم على معينين أو معيَّن فإنه يجوز للناظر إجارة الأرض الموقوفة سنتين أو ثلاث سنين، ولا يجوز أكثر


(١) انظر: حاشية رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، ٦/ ٦٠٦.
(٢) انظر: المرجع السابق ٦/ ٦٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>