للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - أنه لا تجوز الإجارة الطويلة سواء كانت بعقد واحد أم بعقود مترادفة، فالإجارة باطلة لتحقق المحذور؛ وهو أن طول المدة يؤدي إلى إبطال الوقف، وقد اعترض عليه بعض الفقهاء بأن الاضطرار إلى الإجارة الطويلة؛ لحاجة عمارة الوقف بتعجيل أجرة سنين مقبلة .. يزيل المحذور؛ إذ إن المقتضي موجود؛ وهو أن يكون الوقف بحاجة إلى عمارة، كما لو خرب وتعطل الانتفاع به، لا سيما عندما لا يكون لدى الوقف أموال يُعمَّر بها، ولا يوجد من يمكنه أن يقرض الوقف ما يحتاج إليه في الإعمار، ولا يوجد عقار آخر ذو ريع يمكن استبدال الوقف محل الكلام به .. عندئذ يصح الإجارة الطويلة وتكون لصالح الوقف؛ لا سيما إذا لم يكن هناك موانع شرعية غير ما ذكر، وهي الفتوى عند الحنفية؛ بالإجارة لمدة سنة واحدة؛ سواء كانت الأرض أو عقار، ولابد في نهاية هذه الفقرة الإشارة إلى أن هذه الآراء تنظر إلى المسألة في حال كان المؤجر غير الواقف، أما إذا كان المؤجر هو الواقف فإن التأجير لمدة طويلة جائز، ولو دون تحقق حالة ضرورة ودون حاجة إلى رفع الأمر إلى القاضي الشرعي؛ لأن الواقف يحتاط في وقفه شأنه شأن المالك في ملكه، وولايته عليه أقوى من ولاية غيره (١).

ثانيًا: المذهب المالكي:

يري المالكية أنه إذا كان الناظر من الموقوف عليهم فلا يجوز له تأجير الوقف الأمد بعيد؛ سواء كان لضرورة أو لغير ضرورة؛ لأن بموته تنفسخ الإجارة، أما إذا كان الناظر من غير الموقوف عليهم فإن لم تكن هناك ضرورة للإجارة الطويلة فلا تجوز، أما إذا كانت هناك ضرورة لتعمير الوقف وما شابه فإنه تجوز الإجارة الطويلة في الدور وشبهها، ولا تجوز في الأرض والعقار؛ إذ لا يتصور أن يلحقها خراب مع مرور الزمن (٢).


(١) انظر: حاشية رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، ٦/ ٦٠٦ - ٦٠٧، وتقريرات الرافعي على رد المحتار على الدر المختار - شرح تنوير الأبصار، تحقيق: ابن عابدين، ٢/ ٤٧٢ - ٤٧٣.
(٢) انظر: بلغة السالك لأقرب المسالك (حاشية الصاوي)، الصاوي المالكي، ٢/ ٢٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>