للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أوضح الونشريسي ذلك أكثر فقال: "ما كان من دلالة اللفظ باقتضاء أو تضمن أو التزام ولو كان اللزوم خارجيًّا لم يخرج عن دلالة اللفظ، فإن ما دل اللفظ عليه يوجب ما هو منسوب إليه، وأما من يعتبر المقصد فإنه لا يلتفت إلى اللفظ، وإنما ينظر إلى المعنى المقصود فيحكم طردًا وعكسًا، ويلغى اللفظ فلا يعتبره" (١).

ثانيًا: من يفسر ويرجح القصد على اللفظ:

بما أن ترجيح المقصد غير داخل في ظاهر اللفظ وأنه أمر اعتباري ونظري ومصلحي فإن هذا الحق لا يمنح للموقوف عليه، وإنما من حق الإمام، أو القاضي، أو من ينيبه للنظر في الأحباس (٢).

وهذا هو رأي الفقيه أبي عبد الله السنوسي حيث قال: "لا شك أن ما نص عليه المحبس في وثيقة التحبيس إن عرف وجب اتباعه أما إذا لم يعرف فإنه يجب أن يصار في أمر ذلك إلى مقتضى العرف زمن التحبيس، إذ الغالب أنه مقصد المحبس فيجب الحمل عليه لرجحانه على مقابله، والعمل بالراجح متعين، وقد نقل أهل الأصول في ذلك الإجماع والقرار إلى الأعراف عند الإجمال مشهور" (٣).

للواقف الحيّ تفسير ألفاظه:

إذا وجد في صك الوقف لفظ يحتاج إلى تفسير، أو بيان المقصود منه فإن للواقف الحق في ذلك بشرط أن لا يكون تفسيره مخالفًا للصريح، يقول الحطاب: "إذا كان حيًّا وفسر اللفظ بأحد احتمالاته قبل تفسيره، ولو كان على خلاف الظاهر، ولا يقبل قوله في الصريح، إن ادعى أنه أراد به خلاف معناه" (٤)، وهذا أيضًا نصّ عليه ابن حزم فقال: "ومن حبّسَ داره أو أرضه، ولم يُسبل على أحد، فله أن يُسبل الغُلّة ما دام حيًا على من شاء" (٥).


(١) المعيار المعرب، الونشريسي،٧/ ٢٩٢.
(٢) انظر: المرجع السابق،٧/ ٢٩٣.
(٣) المرجع السابق،٧/ ٣٥٢.
(٤) أحكام الوقف، الحطاب، ١٣٠.
(٥) المحلى بالآثار، ابن حزم، ١٠/ ١٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>