للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهنا يرد السؤال حول دور القصد والنية، والفقهاء ليسوا على سنن واحد في الإجابة عن هذا السؤال كما سبق (١).

فهناك من يرى أن للقصد دور مقبول في هذا النطاق أيضًا، فيقول الحافظ ابن رجب: "النية تعمم الخاص، وتخصص العام بغير خلاف، وهل تقيد المطلق أو تكون استشاءً من النص؟ على وجهين فيهما .... (٢)، وقد عبّر القفال الشاشي عن ذلك فقال: ولا بد من النظر إلى مقاصد الواقفين، وكل أحد يجزم بان غرضه توفير الريع على جهة الوقف، وقد تحدث على تعاور الأزمان مصالح لم تظهر في الزمن الماضي، وتظهر الغبطة في شيء يقطع بأن الواقف لو اطلع عليه لم يعدل عنه، فينبغي للناظر أو الحاكم فعله" (٣)، وهذا يدل على أن على الناظر التروي وبُعد النظر، وعدم الاستعجال.

ومما يتعلق بالموضوع ما جاء في المعيار عبارة جميلة واضحة في هذا الصدد، عند حديثه عن أن الواقف إذا قصر الحبس على الانتفاع لا يجوز فيه الكراء، فقال: " ... إلّا على رأي من يلغي اللفظ ويعتبر القصد كما وقع للقابسي: فيمن حبس كتبًا واشترط أن لا يعطي منها إلا كتاب واحد، قال: فإن احتاج طالب لكتابين منها وكان مأمونًا أعطى، وإنما يمنع من ذلك غير المأمون، وعليه يتخرج إخراج الكتب من خزائنها لمن ينتفع بها في منزله، ونحوه ما وقع للخمي في مسألة المدونة: وهي امرأة حبست على ابنة ابنتها دنانير على أن تنفق منها إذا أرادت الحج أو نفست، فذلك نافذ فيما شرطت، وليس للابنة أن تتعجلها، فقال اللخمي: "لو نزلت شدة حتى خيف عليها لأنفق عليها منها، لأنه قد جاء أمر يعلم أن الجدة أرغب فيه من الأول ... قال أبو عمران في اعتبار لفظ التحبيس: الناس عند شروطهم في أموالهم، وفيما أعطوا، وقال: يعمل ما يفهم عن المحبس، فالمفهوم من حاله كالمفهوم من مقاله" (٤).


(١) مبدأ الرضا في العقود، د. علي القره داغي، ٢/ ١٢٢٣.
(٢) القواعد، ابن رجب، ٣٠١ - ٣٠٥.
(٣) المجموع، النووي،١٥/ ٣٦١.
(٤) المعيار المعرب، الونشريسي، ٧/ ٢٩١ - ٢٩٢ وانظر أيضًا ٧/ ٣٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>