للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي به الفتيا إباحة ذلك وجوازه، وتسويغه وحليته لأخذه، وهذا مروي عن ابن القاسم، رواه عنه ابن حبيب عن أصبغ، وبه قال عبد الملك بن الماجشون وأصبغ، وأن ما قصد به وجه الله يجوز أن ينتفع ببعضه في بعض إن كانت لذلك الحبس غلة واسعة، ووفر بين كثير، يؤمن من احتياج الحبس إليه حالًا ومالًا وبالجواز أفتى ابن رشد برمّ مسجد من وفر مسجد غيره، ولهذا ذهب الأندلسيون خلاف مذهب القرويين، وبه قال ابن القاسم والأصح الجواز، وهو الأظهر في النظر والقياس، وذلك إن منعنا الحبس وحرمنا المحبس من الانتفاع الذي حبس من أجله، وعرضنا تلك الفضلات للضياع لأن إنفاق الأوفار في سبيل الخير كمسألتنا أنفع للمحبس، وأنمي لأجره وأكثر لثوابه" (١).

[هـ) ما هو لله لا بأس أن ينتفع به فيما هو لله]

هذا كلام ابن سهل في نوازله، حيث جاء في المعيار: "وسئل ابن لب عن مسجد عليه أصول زيتون محبسة تؤخذ غلتها في كل عام، ويصرف منها في استصباح المسجد ما يحتاج إليه بطول العام، ويبقى منه فضل في كل عام، وأئمة المواضع ينتفعون بذلك الفضل في استصباح مساجدهم ومنافعهم الخاصة بهم، فهل يجوز ذلك لهم أو يكون الفضل للإمام بالمسجد المذكور وينتفع به لنفسه أو بموضع غير ذلك؟ فأجاب: يجوز للناظر في أصول الزيتون المحبسة المذكورة أن يصرف ما يفضل عن زيتها في مصالح المسجد ومنافعه ببيعه وصرف ثمنه في ذلك، وإن صرف لخدمة المسجد لأجل خدمتهم له فحسن للإمام والمؤذن وشبههما مما يحتاج المسجد إليه، وأما صرف الفاضل المساجد أخرى أو لأئمتها وخدمتها ففيها اختلاف في المذهب، فقد كان فقهاء قرطبة وقضاتها يبيحون صرف فوائد الأحباس بعضها في بعض، وفي نوازل ابن سهل ما هو لله لا بأس أن ينتفع به فيما هو لله (٢).


(١) انظر: المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب، أبو العباس أحمد بن يحيى الونشريسي، خرجه جماعة من الفقهاء، بإشراف الدكتور محمد حجي، وزارة الأوقاف المغربية،٧/ ١٨٧ - ١٨٨.
(٢) انظر: المرجع السابق،٧/ ١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>