للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونقل كلام شبيه بالسابق من حكم القاضي ابن سليم وهو: ما كان لله فلا بأس أن يوضع بعضه في بعض" (١).

وأفتى بعض علماء الحنابلة بجواز عمارة وقف من ريع وقف آخر على جهته، قال ابن مفلح: "ويصرف ثمنه - أي الموقوف في حالة بيعه - في مثله" كذا في المحرر، والوجيز، والفروع، وزاد: "أو بعض مثله، قاله أحمد لأنه أقرب إلى غرض الواقف" ثم قال: "وظاهر الخرقي أنه لا يتعين المثل، واقتصر عليه في المغني، والشرح، إذ القصد النفع، لكن يتعين صرف المنفعة في المصلحة التي كانت الأولى أن تصرف إليها، لأن تغيير المصرف مع إمكان المحافظة عليه لا يجوز، وكذلك الفرس إذا لم يصلح للغزو بيع واشترى بثمنه ما يصلح للجهاد، وعنه رواية أخرى: يصرفه على الدواب الحبس، وما فضل من حصره وزيته جاز صرفه إلى مسجد آخر، والصدقة به على فقراء المسلمين ... واختاره الشيخ تقي الدين، وقال أيضًا: "وفي سائر المصالح، وبناء مساكن لمستحق ريعه القائم بمصلحته" (٢).

فهذه الفتاوى لعلماء المذهبين تجيز النظر إلى جميع الجهات نظرة واحدة قائمة على ذمة واحدة حسب المصالح المعتبرة.

والخلاصة في هذه المسألة هي ما يأتي:

١ - الأصل رعاية شروط الواقف في الصرف على الجهة المحددة، فلا يجوز تجاوزها إلّا لمصالح راجحة مع بقاء الأولوية لشرطه.

٢ - ثم إن الأصل بعد ذلك هو النظر إلى الجهة الواحدة، فالمساجد كلها جهة واحدة وبالتالي يجوز صرف ريع وقف مسجد على مسجد آخر.

٣ - إن الجهات الخيرية يجوز النظر إليها واعتمادها ذمةً واحدة إذا كانت تحت إشراف إدارة واحدة كهيئة الأوقاف في عصرنا الحاضر، وفاض ريع


(١) انظر: المعيار المغرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب، أبو العباس أحمد بن يحيى الونشريسي،٧/ ١٤٧.
(٢) المبدع في شرح المقنع، ابن مفلح،٥/ ٣٥٥ - ٣٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>